وقول الإمام: أساء أبو حنيفة، إذ قرر الضمان على من لا اختيار له، لفظة موهمة، (١٠٠/ أ) فإنه قد يطلق لفظ عدم الاختيار، ويراد به سلب القدرة، وتنزيل الشخص منزلة الآلة. وهذا بمثابة ما لو حمل الشخص، وألقي على مال رجلٍ فأتلفه، هذا لا خلاف أنه لا يصلح أن يكون سببًا للضمان. أما إذا أكره على الإتلاف، فلا بعد في توجه الضمان عليه، إذ هو على الحقيقة متمكن من الانكفاف، وغاية ما فيه، تغريمه إتلاف مال غيره، إبقاء على نفسه، فهو بمثابة ما لو أكل مال غيره، إحياء لنفسه عند المخمصة، فإنه ضامن لذلك المال، فكذلك إذا أكره على الإتلاف.
وكيف ينكر ذلك، [والشافعي رحمه الله يرى] أن المكره على القتل يقتل، وإن كان مكرها؟ لكن قد يفرق بينهما، من جهة أن الإكراه لا [يبيح] القتل، وهو يبيح الإتلاف. ولكن لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا، فإن الضمان لا يستدعي العدوان، بل قد يجب الإتلاف، كما صورناه في مسألة المضطر في المخمصة. وقد يجب مع سقوط التكليف، وهو [ما] إذا أتلف النائم أو الغافل، فالضمان جبران للفائت، فلا يكون تقدير الضمان على المكره إساءة بحال.
قال الإمام:(ونحن نفرض صورًة من الفرض المستحسن) إلى قوله (فلم