للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الأولُ: غلبةُ الشيء بقتلٍ أو غيرِه. والثاني: حكايةُ صوتٍ، عند توجُّعٍ وشبهِه» (١).

وإذا تأمَّلتَ هذه الوجوهَ المفسَّرةَ وجدتَها ترجعُ إلى هذين الأصلين، كما تجدُها ـ مع هذا التَّفسيرِ السِّياقي ـ مدلولاتٍ لغويةً لهذا اللَّفظِ، وبهذه المعاني الأربعةُ فَسَّرَ اللُّغويون هذه الآيات. فقد جاء في تهذيب اللغة: «قال ابن المظفر (٢): الحَسُّ: القتلُ الذريعُ (٣)، وفي القرآن: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: ١٥٢]، أي: تقتلونهم قتلاً شديداً كثيراً ...

وقال أبو إسحاق [يعني: الزَّجَّاج] في قوله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: ١٥٢] معناه: تستأصلونهم قتلاً، يقالُ: حَسَّهم القائد، يَحُسُّهم: إذا قتلهم (٤).

وقال الفراءُ: الحَسُّ: القتلُ والإفناءُ هاهنا (٥) ... وقال الفراءُ في قولِه جلَّ وعزَّ: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: ٢٥]، وفي قولِه: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: ٩٨]، معناه: فلمَّا وَجَدَ عيسى. قال: والإحساسُ: الوجودُ، تقولُ في الكلامِ: هَلْ أَحْسَسْتَ منهم مِنْ أَحَدٍ (٦)؟.

قال الزجَّاج (٧): معنى أحسَّ: عَلِمَ وَوَجَدَ في اللغةِ. قال: ويقال: هل


(١) مقاييس اللغةِ (٢:٩).
(٢) الليث بن المظفر بن نصر بن سيار الخراساني، اللغوي، صاحب الخليل بن أحمد، أملى عليه ـ فيما قيل ـ كتاب العين، وقد تصدى له جماعة من اللغويين، وزعموا أنه من وضعه، والله أعلم، وكان الليث رجلاً صالحاً. ينظر: إنباه الرواة (٣:٤٢)، ومعجم الأدباء (١٧:٤٣ - ٥٢).
(٣) ينظر كتاب العين (٣:١٥).
(٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، لأبي إسحاق الزجاج (١:٤٧٨).
(٥) ينظر: معاني القرآن، للفراء (١:٢١٤).
(٦) ينظر: معاني القرآن، للفراء (١:٢١٦).
(٧) إبراهيم بن السَّري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، النحوي، اللغوي، البصري، كان =

<<  <   >  >>