للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا قولٌ رُويَ عن عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه، إلاَّ أنَّ التَّصريفَ يضعفُه، وكان يلزمُ أن يكونَ من التنوير» (١).

٣ - وفي قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١]، قال: «وقال السُّدِّيُّ، وقتادةُ، وجمهورُ المفسِّرينَ: الظُّلماتُ: اللَّيلُ، والنُّورُ: النَّهارُ (٢).

وقالت فرقةٌ: الظُّلماتُ: الكفرُ، والنُّورُ: الإيمانُ (٣).

قال القاضي أبو محمدٍ رحمه الله: وهذا غيرُ جيِّدٍ؛ لأنه إخراجُ لفظٍ بيِّنٍ في اللُّغةِ، عن ظاهرِه الحقيقي إلى باطنٍ، لغيرِ ضرورةٍ.

وهذا هو طريقُ اللُّغزِ الَّذي بَرِئَ القرآنُ منه» (٤).

فجعلَ هذا القولَ غيرَ مُعتدٍّ به، لخروجه عن معنى لغةِ العربِ في دلالة اللَّفظِ، ونحوِه نحوَ الرَّمزِ.

٤ - وأشارَ في قول الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [النساء: ٨١] إلى أنَّ القرآن لا يُحملُ على المصطلحاتِ الحادثةِ، فقال: «والوكيلُ القائمُ بالأمورِ، المصلحُ لما يُخافُ من فسادِها. وليس ما غلبَ عليه الاستعمالُ في الوكيل في عصرنا بأصلٍ في كلامِ العربِ، وهي لفظةٌ رفيعةٌ وضعها الاستعمالُ العامِّيُّ كالعريفِ والنَّقيبِ وغيرِه» (٥).


(١) المحرر الوجيز، ط: قطر (٧:٢٩٢).
(٢) ينظر قول قتادة والسدي في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١١:٢٥٠)، وتفسير ابن أبي حاتم (٤:١٢٥٩ - ١٢٦٠).
(٣) حكاه الماوردي عن السدي، وهو غريبٌ؛ لأنه سبق النقل عنه في التفسير الأول، إلا أن يكون قولاً ثانياً له، واللهُ أعلمُ.
(٤) المحرر الوجيز، ط: قطر (٥:١٢١ - ١٢٢)، وينظر أقوالاً أخرى ردَّها على أنها من القول بالرموزِ في القرآن (٥:١٩٤، ٢٢٣)، (١٥:٣٣٤).
(٥) المحرر الوجيز، ط: قطر (٤:١٤٦).

<<  <   >  >>