للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنتَ اليومَ غيرُ أمسِ، وهو ذلكَ بعينِه، لا أنَّه نقصَ منهُ شيءٌ أو زادَ فيه ...» (١).

٢ - وقال الزَّجَّاج (ت:٣١١): «وقولُه جلَّ وعزَّ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] القراءةُ: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، والمعنى: فَلَهُ عشرُ حسناتٍ أمثالِها ... فأمَّا معنى الآيةِ؛ فإنَّه منْ غامضِ المعاني عندَ أهلِ اللغةِ؛ لأنَّ المجازاةَ على الحسنةِ منَ اللهِ جلَّ ثناؤه بدخولِ الجنةِ شيءٌ لا يُبلغُ وصفُ مقدارِه، فإذا قال: {عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، أو قالَ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١] معَ قولِه: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٥] فمعنى هذا كلِّه: أنَّ جزاءَ الله جَلَّ ثناؤه على الحسناتِ على التَّضْعِيفِ للمثلِ الواحدِ الذي هو النهايةُ في التقديرِ في النفوسِ، ويضاعفُ اللهُ ذلكَ بما بين عشرةِ أضعافٍ إلى سبعمائةِ ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ» (٢).

٣ - وقال النَّحَّاسُ (ت:٣٣٨) ـ في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: ١٦]ـ: «فأُنزلوا منْزلةَ منِ اتَّجَر؛ لأنَّ الرِّبحَ والخُسرانَ إنما يكونانِ في التجارةِ، والمعنى: فما ربحوا في تجارتِهم، ومثلُه قولُ العربِ: خَسِرَ بيعُهُ؛ لأنَّه قدْ عُرِفَ المعنى» (٣).

وإذا تأمَّلتَ هذهِ الأقوالَ، وجدتَ أنَّ منحَاهَا لغويٌّ، مما يُشْعِرُ أنَّ معاني القرآنِ بحثٌ لغويٌّ في بيانِ المرادِ في القرآنِ، ويتأكَّدُ هذا بما يأتي:

* أنَّ أصحابَ كتبِ معاني القرآنِ يذكرونَ أقوالَ المفسِّرينَ من السَّلفِ مصدِّرين ذلك بقولهم: «قال أهل التَّفسير»، «قال المفسِّرون»، «وجاء في


(١) معاني القرآن، للأخفش، تحقيق: هدى قراعة (١:٣٢٩، ٣٣٠).
(٢) معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٢:٣٠٩، ٣١٠).
(٣) معاني القرآن للنحاس، تحقيق محمد الصابوني (١:١٠٠، ١٠١)، ومن الملاحظ أن التعبير بـ (المعنى) يكثر في كتاب النحاس.

<<  <   >  >>