للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّفسير» ـ وهذه العبارات كثيرة جداً في كتابي الفرَّاء (ت:٢٠٧) والزَّجَّاج (ت:٣١١) ـ مما يُشعرُ بأنَّ ما يؤخذُ عنْ هؤلاءِ المفسِّرين شيءٌ لا يمكنُ أخذُه عنْ طريقِ اللُّغةِ، وأنَّ ما كانَ طريقُه اللُّغةَ، فإنَّه معاني القرآنِ، ومِنَ النُّصوصِ الدَّالةِ على ذلكَ ما يأتي:

١ - قال الفرَّاء (ت:٢٠٧): «وقوله: {إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥] يقولُ: ما دمت له متقاضياً.

والتفسيرُ في ذلك: أنَّ أهلَ الكتابِ كانوا إذا بايعهم أهل الإسلامِ أدَّى بعضُهم الأمانةَ، وقالَ بعضُهم: ليس علينا في الأميينَ ـ وهم العرب ـ حرمةٌ كحرمةِ أهلِ ديننا ...» (١).

٢ - في قوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: ٤]، قال الزَّجَّاج (ت:٣١١): ««حتى» موصولة بالقتلِ والأسرِ، والمعنى: فقاتلوهم وأسِرُوهم حتى تضعَ الحربُ أوزارَها.

والتَّفسيرُ: حتى يؤمنوا ويسلموا، فلا يجبُ أنْ تُحَاربوهم، فما دام الكفرُ، فالجهادُ والحربُ قائمةٌ أبداً» (٢).

وفي قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧]، قال الزَّجَّاج (ت:٣١١): «ومعنى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}؛ أي: استمعَ ولم يَشْغَلْ قلبَه بغيرِ ما يسمعُ، والعربُ تقولُ: ألْقِ إليَّ سمعَك؛ أي: استمعْ منِّي. ومعنى {وَهُوَ شَهِيدٌ}؛ أي: وقلبُه فيما يسمع.

وجاء في التَّفسيرِ أنه يعني به أهلَ الكتابِ الذي كانتْ عندَهم صفةُ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم (٣)، فالمعنى على هذا التَّفسيرِ: أو ألقى السَّمعَ وهو شهيدٌ أنَّ صفةَ


(١) معاني القرآن (١:٢٢٤).
(٢) معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٥:٦).
(٣) ورد هذا التفسير عن قتادة، قال: «هو رجل من أهل الكتاب ألقى السمع، يقول: =

<<  <   >  >>