للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ يتلوه في ذلك الزَّجَّاجُ (ت:٣١١)، ثُمَّ الفرَّاء (ت:٢٠٧)، ثُمَّ الأخفشُ (ت:٢١٥)، وهو أقلُّهم ذكراً لأقوالِ المفسِّرين، وروايتُه عنهم لا تكاد تُذكرُ لِقِلَّتِهَا.

وإذا نظرتَ إلى نسبةِ التَّفسيرِ في كتبِ معاني القرآنِ للفرَّاءِ (ت:٢٠٧) والأخفش (ت:٢١٥) والزَّجَّاج (ت:٣١١)، فإنَّك ستجدُها أقلَّ بكثيرٍ من البحثِ اللُّغويِّ والنَّحويِّ، مِمَّا يُشْعِرُ بغلبةِ هذا الاتجاهِ عليهم في تأليفِهم كتب معاني القرآن.

أمَّا النَّحَّاسُ (ت:٣٣٨)، فإنه يختلف عنهم في هذا، إذ تجد الروايةَ عنده عن السَّلفِ أكثرَ من الرِّوايةِ عن اللُّغويِّين.

وبعدَ هذا، فإنَّ معانيَ القرآنِ مصطلحٌ يرادُ به: البيانُ اللُّغويُّ لألفاظِ وأساليبِ العربيَّةِ الواردةِ في القرآنِ (١).

ويبينُ ذلكَ باستقراءِ كتبِ معاني القرآنِ التي يظهرُ فيها بوضوحٍ أنَّ المعانيَ عندهم: المنحى اللُّغويُّ للتَّفسيرِ، وذلك ببيانِ غريبِ الألفاظِ، أو تقديرِ المحذوفِ والمضمرِ، أو تخريجِ مشكلِ الخطابِ القرآني على الأسلوبِ العربيِّ، أو تحليلِ تركيبِ الجملةِ لبيانِ المعنى، وغير ذلك من المباحث اللُّغويَّة الواردة في هذه الكتب.

ومنَ الأمثلةِ الواردةِ في بيانِ غريبِ الألفاظِ ما يأتي:

١ - في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨]، قال الفرَّاء (ت:٢٠٧): «والأمنيَّةُ في المعنى: التِّلاوةُ؛ كقولِ اللهِ عزّ وجل: {إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: ٥٢]؛ أي: تلاوته.

والأمانيُ أيضاً: أنْ يفتعلَ الرجلُ الأحاديثَ المفتعلةَ، قالَ بعضُ العربِ


(١) هذا يعني أنَّ معاني القرآنِ هي التفسيرُ اللُّغويُّ للقرآنِ، وقد سبق بيانُ هذا المصطلحِ.

<<  <   >  >>