للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لابن دأب (١) ـ وهو يحدث الناس ـ: أهذا شيءٌ رويتَه أمْ شيءٌ تمنَّيتَه؟

يريد: افتعلتَه.

وكانتْ أحاديثَ يسمعونها منْ كبرائِهم ليستْ منْ كتابِ اللهِ، هذا أبينُ الوجهينِ» (٢).

٢ - وفي قوله تعالى: {إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} [القمر: ٢٤]، قال الزَّجَّاجُ (ت:٣١١): «معناه: إنَّا إذاً لفي ضلالٍ وجنونٍ، يقالُ: ناقةٌ مسعورةٌ، إذا كانَ بها جنونٌ، ويجوزُ أنْ يكونَ على معنى: إن اتَّبعناهُ فنحنُ في ضلالٍ وعذابٍ» (٣).

ومن أمثلةِ تخريجِ مُشكلِ الخطابِ القرآني على الأسلوبِ العربي ما ذكرَهُ الفرَّاءُ (ت:٢٠٧) عند قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٧١]، قال: «وأضافَ المَثَلَ إلى الذينَ كفروا، ثم شبههم بالراعي ولم يقل: كالغنم، والمعنى ـ والله أعلم ـ مَثَلُ الذينَ كفروا كمثلِ البهائم التي لا تفقَهُ ما يقولُ الرَّاعي منَ الصوتِ، فلو قال لها: ارْعِي أو اشْرَبي، لم تدرِ ما يقولُ لها، فكذلكَ مَثَلُ الذينَ كفروا فيما يأتيهم منَ القرآنِ وإنذارِ الرسول صلّى الله عليه وسلّم فأضيفَ التشبيهُ إلى الراعي، والمعنى ـ واللهُ أعلم ـ في المَرْعِي، وهو ظاهرٌ في كلامِ العربِ أنْ يقولوا: فلان يخافُكَ كخوف الأسدِ، والمعنى: كخوفه الأسد؛ لأنَّ الأسدَ هو المعروفُ بأنه المُخَوِّفُ ...

وفيها معنىً آخرٌ: تضيفُ الْمَثَلَ إلى الذينَ كفروا، وإضافتُه في المعنى


(١) عيسى بن يزيد بن بكر، أبو الوليد بن دأب، المدني، كان يضع الشعر وأحاديث السَّمَرِ، وكلاماً ينسبه إلى العرب، فسقط، وذهبت روايته، توفي سنة (١٧١)، مراتب النحويين (ص:١٥٦)، ومعجم الأدباء (١٦:١٥٢ - ١٦٥).
(٢) معاني القرآن للفراء (١:٤٩، ٥٠)، وينظر: (١:٤١، ٥٦).
(٣) معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٥:٨٩)، وينظر: (٥:٩١، ١٢٢).

<<  <   >  >>