للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكونَ يئسَ بمعنى علمَ، وزعمَ أنَّه لم يسمعْ أحداً من العربِ يقولُ: يئستُ، بمعنى: علمتُ. انتهى.

وقد حفظَ ذلكَ غيرُه، وهذا القاسمُ بنُ مَعْنٍ (١)، مِنْ ثقاتِ الكوفيِّين وأجلائهم، نقل أنها لغةُ هوازنَ (٢)، وابنُ الكلبيِّ نقلَ أنَّها لغةٌ لِحَيٍّ منَ النَّخَعِ، ومنْ حَفِظَ حُجَّةٌ على مَنْ لم يحفظْ» (٣).

السببُ الثاني: المنافسة العلميَّة بين البصريِّين والكوفيِّين:

إذا سَبَرْتَ المؤلفاتِ في (معاني القرآن) فإنكَ ستجدُها منْ نتاجِ علماءِ البصرةِ والكوفةِ، وكانت هاتان المدينتان موطنَ البحثِ النحويِّ.

ومعلومٌ ما كان بينهما من خلاف وتنافسٍ عِلميٍّ في هذا المجالِ الَّذي لا يبعدُ أنْ يكونَ قدِ انتقلَ إلى البحثِ اللُّغويِّ، وقد كانَ السَّبقُ في الكتابةِ في هذين العلمينِ للبصريِّينَ، ففي علمِ النَّحْوِ، سبقوا بكتابِ سِيبَوَيهِ (ت:١٨٠)، وفي علمِ اللُّغةِ، بكتابِ (النَّوادِرِ) لأبي عمرِو بنِ العلاءِ (ت:١٤٥).

وإذا تأملت كتبَ (معاني القرآن) التي أدخلت فيه إعراب القرآن؛ ككتاب الفرَّاء (ت:٢٠٧) والأخفشِ (ت:٢١٥) والزَّجَّاجِ (ت:٣١١)، فإنك تكادُ تجزمُ بأنَّ البحثَ النَّحويَّ هو الأصلُ في هذه الكتبِ، وأنَّ البحثَ اللُّغويَّ تابعٌ له،


(١) القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، الكوفي، النحوي، ولاَّه المهدي على قضاء الكوفة، كان ثقة جامعاً للعلم، عالماً بالعربية والنحو وأيام الناس، توفي سنة (١٧٥). ينظر: طبقات النحويين واللغويين (ص:١٣٣ - ١٣٤)، وإنباه الرواة (٣:٣٠ - ٣١)، وقد روى عنه الفراء في معاني القرآن (١:٦٨، ١٣٦)، (٢:٣٩).
(٢) هوازن: جمع هَوْزَن، وهو ضرب من الطير، وهم يُنسبون إلى هوازن بن منصور، ومنه نسل بنو سعد بن بكر بن هوازن الذين استرضع النبي صلّى الله عليه وسلّم فيهم. ينظر: المعارف، لابن قتيبة، تحقيق: ثروت عكاشة (ص:٨٦)، والاشتقاق، لابن دريد (ص:٢٩١).
(٣) البحر المحيط، لأبي حيان، تحقيق: عرفات حسونة (٦:٣٨٩).

<<  <   >  >>