للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على صحتها لاتضاح المعنى عند العرب. وأنشدني بعضهم (١):

إنَّ سِرَاجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهُ ... تَحْلَى بِهِ الْعَيْنُ إذَا مَا تَجْهَرُهُ

والعينُ لا تَحْلَى به، إنما يَحْلَى هو بها.

وفيها معنىً آخرُ: تضيفُ الْمَثَلَ إلى الذين كفروا، وإضافتُه في المعنى إلى الوعظِ؛ كقولِك: مَثَلُ وَعْظِ الذينَ كفروا وواعظِهِم كمثلِ النَّاعِقِ؛ كما تقولُ: إذا لقيتَ فلاناً فَسَلِّمْ عليه تسليمَ الأميرِ، وإنما تريدُ به: كما تُسِلِّمُ على الأميرِ. وقالَ الشاعرُ (٢):

فَلَسْتُ مُسَلِّماً مَا دُمْتُ حَيًّا ... عَلَى زَيْدٍ بِتَسْلِيمِ الأَمِيرِ

وكُلٌّ صوابٌ» (٣).

* وفي قولِه تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} [البقرة: ٧٨]، قال: «والأُمْنِيَّةُ في المعنى: التلاوةُ؛ كقولِ اللهِ عزّ وجل: {إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: ٥٢]؛ أي: في تلاوتِه.

والأمَانيُّ ـ أيضاً ـ: أن يفتعِلَ الرَّجلُ الأحاديثَ المفتعلَةَ، قال بعضُ العربِ لابن دَابٍ ـ وهو يُحَدِّثُ الناسَ ـ: أهذا شيءٌ رَوَيْتَهُ أمْ شيء تَمَنَّيْتَهُ؟ يريدُ: افتعلتَهُ، وكانتْ أحاديثَ يسمعونها من كبرائهمْ ليستْ منْ كتابِ اللهِ، وهذا أبينُ الوجهينِ» (٤).


(١) لم أجد قائله، وقد استشهد به الفارابي في ديوان الأدب (٤:٩٤)، وهو في اللسان وتاج العروس، مادة (حلا).
(٢) نسب الأصمعي هذا البيت لأعرابي زمن الحجاج، وله تتمة أبيات، ضمن قصة ذكرها، ينظر: تاريخ بغداد (١:٢٥١)، ذكرها الخطيب بسنده.
(٣) معاني القرآن (١:٩٩ - ١٠٠).
(٤) معاني القرآن (١:٤٩ - ٥٠). وينظر: (١:١٠٣)، (٢:١٨٧، ٢٣٧، ٢٣٩)، (٣:٢١٨، ٢٢٣).

<<  <   >  >>