للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها، ومنْ ذلكَ ما وردَ عنه في قولِه تعالى: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: ٣]، قال: «والثَّاقبُ: المضيءُ، والعربُ تقولُ: اثْقُبْ نارَكَ: للمُوقِدِ. ويقال: إنَّ الثَّاقبَ: هو النَّجْمُ الذي يقال: له زُحَلْ. والثَّاقبُ الذي قدِ ارتفعَ عن النُّجومِ. والعربُ تقولُ للطائرِ إذا لحقَ ببطنِ السماءِ ارتفاعاً: قَدْ ثَقَبَ. كلُّ ذلكَ جاءَ في التفسيرِ» (١).

٤ - تَوْجِيهُ القِرَاءَاتِ:

اتخذتِ القراءاتُ: شاذُّها ومتواترُها مكاناً كبيراً في كتاب (معاني القرآن)، وهو في ذلك يذكرُ توجيهها في لغةِ العربِ، ويبينُ ما بينها من الفروقِ، إنْ وُجِدَ، سواءً أكانَ اختلافاً في معنًى أم في غيرِه مما لا أثرَ له في المعنى؛ كالاختلافِ في الحركاتِ (٢)، أو اللَّهجاتِ، أو التَّصريفِ، ومن أمثلةِ ذلكَ قولُه: «وقولُه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} [الأحزاب: ٢١] كانَ عاصمُ بنُ أبي النَّجُودِ يقرأُ: «أسوة» برفع الألفِ في كلِّ القرآنِ. وكان يحيى بنُ وثَّابٍ (٣) يرفعُ بعضاً ويكسر بعضاً، وهما لغتان، الضَّمُّ في قيسٍ.

والحسنُ وأهلُ الحجازِ يقرؤون: «إسوة» بالكسرِ في كلِّ القرآنِ لا يختلفون ...» (٤).

ومنْ أمثلةِ ما يختلفُ بهِ المعنى باختلافِ القراءةِ ما يأتي:

قال: «وقولُه: {لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} [الواقعة: ١٩]: عنِ الخمرِ. {وَلاَ يُنْزِفُونَ}؛


(١) معاني القرآن (٣:٢٥٤).
(٢) يلاحظ هاهنا أن الإعراب قد يكون له أثر في المعنى، فيكون الإعرابُ تابعاً للمعنى؛ لأنه فرع عن المعنى.
(٣) يحيى بن وثَّاب الأسدي، الكوفي، العابد، تابعي، ثقة، إمام، كبير القدر، روى عن ابن عباس وعمر وأبي عبد الرحمن السلمي وزِرٍّ وغيرهم، وقرأ عليه: الأعمش وطلحة بن مُصرِّف وغيرهما، توفي سنة (١٠٣). ينظر: معرفة القراء الكبار (١:٦٢ - ٦٥)، وغاية النهاية (٢:٣٨٠).
(٤) معاني القرآن (٢:٣٣٩).

<<  <   >  >>