للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عطيةَ أنَّ الزَّجَّاجَ معتزليٌّ، فلذلك تأوَّل أنه لم يحصِّلْه، وأنه وقعَ فيه من غيرِ قصدٍ» (١).

فهلْ صحيحٌ أنَّ الزَّجَّاجَ (ت:٣١١) كانَ معتزليًّا؟

لا يظهرُ أنَّ الزَّجَّاجَ (ت:٣١١) كانَ معتزليًّا أبداً، ولا أدري من أينَ أخذَ أبو حيَّانٍ (ت:٧٤٥) عليه هذا المعتقدَ.

ولقد تتبَّعتُ بعض المسائلِ التي للمعتزلةِ فيها قولٌ واضحٌ؛ كمسألةِ الرُّؤيةِ والكلامِ الإلهيِّ والنَّظرِ إلى وجه الباري ـ لا حرَمَنا الله منها ـ والاستواءِ، فألفيتُه يقولُ بقولِ أهلِ السُّنَّةِ صراحةً، مما يدلُّ على أنَّ وقوعَه في هذا التَّفسيرِ الذي انتقدَه عليه ابن عطيَّةَ (ت:٥٤٢) كان من غيرِ قصدٍ، وإليكَ هذه المواطنُ:

* قال: «وقالوا في معنى {اسْتَوَى}: استولى ـ والله أعلم ـ، والذي يدل عليه استوى في اللغة على ما فعله من معنى الاستواء» (٢).

* وقال: {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣]: كَلَّمَ اللهُ موسى تكليماً، خَصَّهُ اللهُ أنَّه لم يكنْ بينه وبين اللهِ ـ جلَّ ثناؤه ـ وفيما (٣) سَمِعَ أَحَدٌ، ولا مَلكٌ أسمعَهُ اللهُ كلامَه، فلما سَمِعَ الكلامَ، {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}؛ أي: قد خاطبتني من حيثُ لا أراك، والمعنى: أرني نفسك.

وقوله: {أَرِنِي أَنْظُرْ}: مجزوم، جواب الأمرِ.

{قَالَ لَنْ تَرَانِي}: ولن نفي لما يُستقبل.

{وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ}؛ أي: ظهرَ وبانَ» (٤).


(١) البحر المحيط، تحقيق: عرفات حسونة (٦:٥١٠).
(٢) معاني القرآن وإعرابه (٣:٣٥٠).
(٣) كذا في المطبوع، والصواب أن تُحذف الواو، واللهُ أعلمُ.
(٤) معاني القرآن وإعرابه (٢:٣٧٣).

<<  <   >  >>