للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وقال: «قوله: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢، ٢٣]: نُضِّرتْ بنعيمِ الجنَّةِ، والنَّظرِ إلى ربِّها، قال الله عزّ وجل: {تَعْرِفُ فِي وَجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: ٢٤]» (١).

* وقال: «وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]؛ الحسنى: الجنَّةُ، و «زيادة» في التَّفسيرِ: النَّظرُ إلى وجه اللهِ ـ جلَّ وعزَّ ـ.

ويجوزُ أن تكونَ تضعيفَ الحسناتِ؛ لأنه قال جلَّ وعزَّ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠].

والقول في النَّظرِ إلى وجهِ اللهِ كثيرٌ في التَّفسيرِ، وهو مرويٌّ بالأسانيدِ الصِّحاحِ، لا يُشكُّ في ذلكَ» (٢).

فهذه النُّقولُ تُظهِرُ بُعْدَه عن المعتزلةِ في أخصِّ المسائلِ التي اشتهروا بالقول بها، ولو تتبَّعتَ المسائلَ الأخرى التي للمعتزلةِ فيها رأيٌ، لوجدته يخالفُهم فيها (٣).

كما أنَّ له كتاباً في تفسيرِ أسماءِ الله الحسنى (٤)، ولا تجدُ فيه ما يوافقُ مذهب المعتزلةِ، فهو بريءٌ مما وصفه به أبو حيان (ت:٧٤٥) عفا اللهُ عنه.

ومما وردَ له في تفسيرِ صفاتِ اللهِ، تفسيرُ لقوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: ١٢]، على قراءة ضَمِّ التاء من «عجبتُ» (٥)، قال: «ومن قرأ {عَجِبْتُ}، فهو إخبارٌ عن اللهِ.


(١) معاني القرآن وإعرابه (٥: ٢٥٣).
(٢) معاني القرآن وإعرابه (٣: ١٥).
(٣) ينظر مثلاً: قوله في زيادة الإيمان (١: ٣٣٩، ٣٤٠)، وردُّه قول الأخفش في معنى {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (١: ٣٣٩)، وردُّه على من فسَّر {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي} بأنَّه أرني أمراً عظيماً (٢: ٣٧٤)، وإثباته حقيقةً كلام النار، في قوله تعالى: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} (٥: ٤٧)، وإثباته تسبيح المخلوقات حقيقةً (٥: ١٢١)، وغيرها كثيرٌ، وسيأتي نقلُ بعضِ أقواله في هذه الآياتِ في المباحثِ القادمةِ، والله الموفق.
(٤) الكتاب مطبوع بتحقيق: أحمد يوسف الدقاق.
(٥) قرأ بضمِّ التاء: حمزة والكسائي، وقرأ الباقون بفتحها. ينظر: المبسوط في القراءات العشر، لابن مهران (ص:٣٧٥).

<<  <   >  >>