للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشبَّهَها بالمريضِ في الدَّنَفِ؛ لأنها قد همَّتْ بالغروبِ، كما قارب الدَّنِفُ الموتَ، وإنما ينظرُ إليها من تحت الكفِّ؛ ليعلمَ كم بقيَ لها إلى أن تغيبَ، ويتوقَّى الشُعَاعَ بِكفِّهِ» (١).

* وكان في بعضِ الأحيانِ ينصُّ على النَّقدِ؛ كنقدِه التَّفاسيرَ التي ذكرَها في مقدمةِ كتابِه (٢)، وقد نصَّ على نقدِهِ الفرَّاءَ (ت:٢٠٧) وأبا عبيدةَ (ت:٢١٠) (٣)؛ لأنَّه ينقلُ عنهما، ومما وردَ عنه:

في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: ٨٢]، قال: «{حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}، يذهبُ بعضُ المفسِّرينَ إلى أنها (سَنْكِ وَكِلْ) بالفارسيَّةِ، ويعتبرُه بقوله عزّ وجل: {حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} [الذاريات: ٣٣]؛ يعني: الآجُرَّ، كذا قال ابن عباسٍ (٤).

وقال أبو عبيدةَ: السِّجيلُ: الشَّديدُ، وأنشدَ لابن مُقبلٍ (٥):

....... ... ضَرْباً تَوَاصى به الأبْطَالُ سِجِّيناً

وقال: يريد ضرباً شديداً (٦).

ولستُ أدري ما سجِّيل من سجِّين، وذلك باللام، وهذا بالنون، وإنما سجِّينٌ في بيتِ ابن مقبلٍ (فِعِّيلٌ) من سَجَنْتُ؛ أي: حَبَسْتُ؛ كأنَّه قال: ضربٌ يُثَبِّتُ صاحِبه بمكانِه؛ أي: يحبسه مقتولاً، أو مقارباً للقتلِ.


(١) تفسير غريب القرآن (ص:٢٥٩ - ٢٦٠).
(٢) ذكر ثمانية تفاسير، ولم يرتضِها، ينظر: تفسير غريب القرآن (ص:٤ - ٥).
(٣) ينظر نقده للفراء (ص:٤٣٩ - ٤٤٠، ٤٤١)، وينظر نقده لأبي عبيدة (ص:٢٣٠، ٢٣٦، ٢٤٥، ٣٢٨، ٣٣٠، ٣٥٠).
(٤) تنظر الرواية عنه من طريق السدي في تفسير الطبري، تحقيق شاكر (١٥:٤٣٤). ومن طريق عكرمة في تفسير ابن أبي حاتم، تحقيق: أسعد الطيب (٦:٢٠٦٨).
(٥) البيت في ديوان ابن مقبلٍ، تحقيق عزة حسن (ص:٢٣٦). وصدره:
وَرَجْلَةً يَضْرِبُونَ البِيضَ عَنْ عُرْضٍ ... ...........
(٦) مجاز القرآن (١:٢٩٦). وقد سبق تفسيرُه أيضاً في (١:١٨).

<<  <   >  >>