للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحربيُّ (ت:٢٨٥)، بل كانت نقولُه عنهم أكثرَ من نقولِه عن اللُّغويِّين (١)، وهذا مما يتميَّزُ به عن غيره من كتب غريب الحديث (٢).

وسأذكرُ أمثلةً للتَّفسيرِ اللُّغويِّ من كتابِ غريبِ الحديثِ، لأبي عبيدٍ القاسمِ بنِ سلامٍ (ت:٢٢٤)، وكتابِ غريبِ الحديثِ، لأبي إسحاقَ إبراهيمَ بنِ إسحاقَ الحربيِّ (ت:٢٨٥)

١ - قالَ أبو عُبَيد (ت:٢٢٤): «... فالقواعدُ: هي أصولُها المعترِضَةُ في آفاقِ السَّماءِ.

وأحسِبُها مُشبَّهةً بقواعدِ البيتِ، وهي حيطَانُهُ، الواحدةُ مِنْهَا: قاعدةٌ. قالَ اللهُ عزّ وجل: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: ١٢٧].

وأما البواسِقُ: ففروعُها المستطيلَةُ إلى وسطِ السَّماءِ، وإلى الأفقِ الآخرِ.

وكذلكَ كُلُّ طويلٍ، فهو باسقٌ، قال اللهُ تباركَ وتعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: ١٠]» (٣).


(١) كان الفراء من أكثر اللغويين الذي نقل عنهم، وقد بلغ المنقول عنه فوق المائة وعشرين موضعاً، كما كان ابن عباسٍ أكثرَ السلفِ الذي نقل عنهم، وقد فاق النقل عن الفراء، حتى بلغ قرابة المائةِ والسبعين موضعاً، وينظر من المواضعِ التي نقلَ عن المفسرين واللغوين معاً: (٣:٩٣١ - ٩٣٩، ٥٦٩ - ٩٦٦، ١٠٢١ - ١٠٢٤).
(٢) لمَّا قرأتُ كتابَ أبي إسحاق ذكرتُ قولَ الأزهريِّ عن كتابٍ الجيمٍ، لأبي عمرو شَمِرِ بنِ حَمْدُويه الهرويِّ، قال: «ولما ألقى عصاه بهراة، ألَّفَ كتاباً كبيراً في اللُّغات أسَّسه على الحروف المعجمة، وابتدأه بحرفِ الجيمِ، فيما أخبرني أبو بكر الإيادي وغيره ممن لقيه، فأشبعه وجوَّده، إلاَّ أنه طوَّله بالأشعارِ والرواياتِ الجمَّةِ عن أئمة اللغةِ وغيرهم من المحدِّثين، وأودعه من تفسيرِ القرآنِ بالرواياتِ عن المفسرينَ، ومن تفسيرِ غريبِ الحديثِ أشياءُ لم يَسبقه إلى مثله أحد تقدمه، ولا أدرك شأوه فيه من بعده ...». تهذيب اللغة (١:٢٥). ويظهرُ أن أبا عمرو وأبا إسحاق الحربي من أكثرِ اللغويين اعتناءً بأقوالِ المفسرين، ونقلها في دلالة ألفاظ اللغة، والله أعلم.
(٣) غريب الحديث، لأبي عبيد، تحقيق: حسين محمد شرف (٢:٥٠٠ - ٥٠١). =

<<  <   >  >>