ومن اللُّغويِّينَ: صاحبُ كتابِ العينِ (١)، ونقل ابن قتيبة (ت:٢٧٦) القولينِ ولم يعترضْ على هذا القولِ (٢)، ونقل الطبريُّ هذا المعنى عنْ بعضِ البصريِّينَ مع شواهدِهِم عليه (٣).
وقال أبو بكر بن دريد (ت:٣٢١): «وفي التَّنْزِيلِ: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: ٧١] ذكرَ المفسِّرونَ أنَّها حَاضَتْ، واللهُ أعلمُ.
قالَ أبو بكرٍ: ليسَ في كلامِهِم: ضَحِكَتْ في معنى حَاضَتْ إلاَّ في هذا» (٤).
وقال أبو بكر بن الأنباريِّ (ت:٣٢٨): «أنكرَ الفَرَّاءُ، وأبو عبيدةَ، وأبو عبيدٍ أنْ يكون «ضحكت» بمعنى حَاضَتْ. وَعَرَفَهُ غيرُهم، قالَ الشَّاعِرُ (٥):
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَى هُذَيْلٍ ... وَتَرَى الذِّئبَ لَهَا يَسْتَهِلُّ
قال بعضُ أهلِ اللُّغةِ: معناه: تحيضُ» (٦).
وسببُ هذا الخلافِ أنَّ المعنى الأوَّلَ ـ أي: الضحكَ ـ هو المشهورُ في دلالةِ اللَّفظِ، أمَّا الثاني فقليلٌ، ولذا أنكرَهُ بعضُ اللُّغويينَ، ولكَّنه إنكارٌ مردودٌ، إذ المُثْبِتُ مُقَدَّمٌ على النَّافي، ومنْ حفظَ حُجَّةٌ على منْ لم يحفظْ (٧).
= عكرمة ـ في رواية أبي الشيخ عنه ـ شاهداً شعرياً:
إني لآتِي العِرْسَ عِنْدَ طُهُورِهَا ... وَأَهْجُرُهَا يَوماً إذا هِيَ تَضْحَكُ
(١) كتاب العين (٣:٥٨).
(٢) تفسير غريب القرآن (ص:٢٠٥).
(٣) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٥:٣٩٢ - ٣٩٣).
(٤) جمهرة اللغة (١:٥٤٦).
(٥) البيت مُختلفٌ في نسبتِه، فنُسِبَ للشَّنْفَرى، ولتأبَّطَ شَرّاً، ولابن أخته، ولخلف الأحمر، ينظر: المعجم المفصَّل في شواهد اللغة العربية (٦؛٢٨٥).
(٦) زاد المسير، تحقيق: محمد عبد الرحمن (٤:١٠٣)، وينظر: مفاتيح الغيب، للرازي، ط: دار الكتب العلمية (١٨:٢٢).
(٧) ينظر: روح المعاني (١٢:٩٨).