للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاسدِ، وهذا أصلٌ معروفٌ لأهل البدعِ: أنهم يفسرونَ القرآنَ برأيهم العقليِّ، وتأويلِهم اللُّغويِّ ...» (١).

وقال الدَّارميُّ (ت:٢٨٠) في ردِّه على بِشرٍ المِرِّيسيِّ (ت:٢١٩): «ونحنُ قد عرفنا ـ بحمد اللهِ ـ منْ لُغَاتِ العربِ هذه المجازاتِ التي اتخذتُمُوها دُلْسَةً وأغلوطةً على الجُهَّالِ، تنفونَ بها عن اللهِ تعالى حقائقَ الصِّفاتِ بِعِلَلِ المجازاتِ، غيرَ أنَّا نقولُ: لا يُحكَمُ للأغربِ منْ كلامِ العربِ على الأغلبِ، ولكنْ نصرفُ معانيها إلى الأغلبِ، حتى يأتوا ببرهانٍ أنه عَنَى بها الأغرب، وهذا هو المذهبُ الذي إلى الإنصافِ والعدلِ أقربُ، لا أنْ نعترضَ صفات اللهِ المعروفةَ المقبولةَ عندَ أهلِ البَصَرِ فنصرفَ معانيَهَا بِعِلَّةِ المجازاتِ إلى ما هو أنكرُ، وتُرَدُّ على الله بداحضِ الحججِ وبالتي هي أعوجِ» (٢).

ومنِ اطَّلعَ ـ على سبيلِ المثالِ ـ على كتابِ (تلخيص البيانِ في مجازاتِ القرآنِ) للشَّريف الرَّضِيِّ (ت:٤٠٦) (٣)، وكتابِ (متشابهِ القرآنِ) للقاضي عبدِ الجبارِ الهمذانيِّ المعتزليِّ (ت:٤١٥) وكتاب (غرر الفوائدِ ودرر القلائد) المسمى: أمالي الشَّريفِ المُرْتَضَى (ت:٤٣٦)، وغيرِها منْ تفاسيرِ المعتزلةِ = ظهرَ له أنَّ الأصلَ عند هؤلاءِ ما تقرَّرَ لهم في عقولِهم، وأنَّ النصوصَ تؤوَّلُ إذا خالفت أصلهُم العقليَّ.

ومن ذلكَ:

١ - قولُ القاضي عبدِ الجبارِ (ت:٤١٥) ـ في التعليقِ على من أثبتَ الاستواءَ بقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ


(١) تفسير سورة الإخلاص (ص:٢٠١).
(٢) الرد على بشر المريسي (ص:١٩٧).
(٣) محمد بن الحسين العلوي الرافضي، نقيب الطالبيين في بغداد، كان شاعراً، عالماً بالأدب والنَّحو، وكان ذكيًّا سريع الخاطر، له كتاب مجازات القرآن، ومعاني القرآن توفي سنة (٤٠٦)، ينظر: تاريخ بغداد (٢:٢٤٦ - ٢٤٧)، وإنباه الرواة (٣:١١٤ - ١١٥).

<<  <   >  >>