للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطلقونَها ـ في الغالب ـ على ما لا يؤخذُ من طريقِ اللُّغةِ في علمِ التَّفسيرِ؛ كسببِ نُزُولٍ، أو قِصَّةِ آيةٍ، أو تفسيرٍ نَبَويٍّ، أو تعيينِ منْ نزلَ بشأنِهِ الخطابُ، أو غيرِ ذلكَ مما ليسَتِ اللُّغةُ طريقَهُ.

وربَّما قابلوا أهلَ التَّفسيرِ بأهلِ اللُّغةِ؛ كقولهم: وهذا قولُ أهلِ التَّفسيرِ وأهلِ اللُّغةِ، أو غيرها من العباراتِ (١). وهذا يُشعِرُ بتميُّزِ أصحابِ كلِّ علمِ بعلمِهِم، وأنَّ أهلَ التَّفسيرِ لا علاقَةَ لهم بعلمِ اللُّغةِ.

ومنَ الأمثلةِ التي تدلُّ على أنَّ غالبَ ما ينقلونَه عنِ المفسِّرينَ مما لا يؤخذُ عنِ طريقِ اللُّغةِ:

١ - في قوله تعالى: {إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥]، قال الفرَّاءُ (ت:٢٠٧): «يقولُ: إلاَّ ما دمتَ له متقاضياً، والتَّفسيرُ في ذلكَ: أنَّ أهلَ الكتابِ كانوا إذا بايعهم أهلُ الإسلامِ أدَّى بعضُهم الأمانةَ، وقالَ بعضُهم: ليسَ للأُمِّيِّينَ ـ وهمُ العربُ ـ حُرمةٌ كحرمةِ أهلِ ديننا، فأخبرَ اللهُ ـ تباركَ وتعالى ـ أنَّ فيهم أمانةً وخيانةً، فقال تبارك وتعالى: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [آل عمران: ٧٥] في استحلالِهم الذَّهابَ بحقوقِ المسلمينَ» (٢).

ذكرَ الفراء (ت:٢٠٧) في هذا الموضع معنى الجملةِ من حيثُ اللغة، ثمَّ ذكر قصةَ الآيةِ، وجعلَها من التَّفسيرِ؛ لأنَّه لا يتأتَّى أخذُها إلاَّ منْ طريقِ الرِّوايةِ.


= ينظر: عن الليث (٧:٣٨٨)، (٩:٢٢٨)، (١٠:٦٥٥).
وعن أبي حاتم (٩:٢٠).
وعن أبي بكر ابن الأنباري (١٠:٣٦٤)، (١٣:٦٩).
وعن اللحياني (١٥:١٤٦).
(١) ينظر مثلاً: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٥:٥٢، ٦٢، ٦٧، ١٠٢، ٢٠١). وتهذيب اللغة (١:٩٢، ٩٩)، (٢:١٤٥، ٢٩١)، (١٤:٢٢٧، ١٤٣، ٢٥٦).
(٢) معاني القرآن، للفراء (١:٢٢٤).

<<  <   >  >>