للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمالكٍ فَصَاحَةً ـ وهو محضُ العرب ـ في قولِه، وبقولِ الخليلِ، وهو ثقةٌ في نقلِه عن العربِ، فخرجتْ خدمةُ الولدِ والزوجةِ من القرآن بأبدعِ بيانٍ» (١).

والقصورُ في هذا واضحٌ من جهتين:

الأولى: أنَّ الذي وردَ عنه غيرُ معنى الخدمِ والأعوانِ من العربِ، وهو أعرقُ عربيةً من مالك (ت:١٧٩) الذي احتجَّ ابنُ العربيِّ (ت:٥٤٣)، بعربيَّتِهِ.

الثانية: أنَّ ما قاله من فسَّر بغيرِ معنى الخدمِ والأعوانِ لا يَخْرُجُ عن معنى الخدمةِ، وما وردَ عن الصَّحابي ابن مسعود (ت:٣٥) يتَّضحُ فيه أنَّه خَصَّ المعنى بأحدِ مَنْ تَتَحقَّقُ فيه الخدمةُ، وهم الأصهار، كما في رواية زِرِّ بن حُبيشٍ (ت:٨٣) عنه.

وقولُه بأنَّ الحَفَدَةَ: الأصهارُ = حُجَّةٌ، غيرَ أنَّ تخصيصَه لهذا اللَّفظِ بهذا المعنى غيرُ ذلك؛ لأنه قد وردَ عنْ غيرِه ممنْ يُحْتَجُّ به في اللُّغةِ والتَّفسير عدمَ تخصِيصِهِ بهذا المعنى، ولا يكونُ تخصيصُه في هذا الحالِ حُجَّةً.

ولو كانتْ عبارةُ هؤلاء العلماءِ أنَّ منْ قالَ: الأعوان، فإنَّ قولَه أشهرُ في لغةِ العربِ، لكانَ، ولكنْ يُلْمَحُ في عبارتِهم إنكار المعنى الذي وردَ عن عبد الله بنِ مسعودٍ (ت:٣٥) وغيرِه، وهذا غيرُ سديدٍ، واللهُ أعلم.

٣ - أنَّ اللهَ سبحانَه جعلَ مِنَ الزَّوجَاتِ صِنْفَينِ: البنينَ والحَفَدَةَ. ولفظ البنينِ يشملُ الذُّكورَ والإناثَ، ويكونُ وُرُودُ الآية بلفظِ البنينِ على سبيلِ التَّغليبِ للذُّكورِ، واللهُ أعلمُ.

وعلى هذا، فالحَفَدَةُ منَ الزَّوجةِ، والذي يكونُ منْ طريقِ الزَّوجةِ: أولادُ الأولادِ، والأصهارُ أو الأختانُ، وأولادُ المرأةِ منْ زوجِهَا الأوَّلِ.


= الأبوين في البيت، ويقال: الحفدة: ولد الولد، وعند العرب، الحفدة: الخدم».
وفي أول هذه المادة قال: «الحَفْدُ: الخِفَّةُ في العملِ والخِدمة».
(١) أحكام القرآن، لابن العربي، تحقيق: البجاوي (٣:١١٦٣)، وقال في القبس شرح موطأ مالك، تحقيق: محمد بن عبد الله ولد كريم (٣:١٠٧٢): «... وقال آخرون: هم بنو البنين، وقالت طائفة أخرى: هم البنات، والذي قاله مالك أَصحُّ؛ لأنَّ حفد في لغة العربِ موضوعة للخدمة والتحفي بالأمور».

<<  <   >  >>