وبتتبُّعِ التفاسيرِ المنقولةِ عن أعلامِ هذا العصرِ، لم يظهرْ لي من كانَ له اجتهادٌ بارزٌ في التفسيرِ، كما كانَ الحالُ في الطبقاتِ الثلاثِ السابقةِ، وإن وُجدتْ لبعضهِم أقوالٌ في التفسيرِ، فإنها لا تعدو أن تكونَ في أحكامِ القرآنِ (أي: أنها متصلةٌ بعلم الفقهِ)، لا أنها في التفسيرِ ابتداءً، والله أعلم. انظر في هذا على سبيل المثال تفسير ابن كثير، تحقيق: سامي السلامة: تفسيرَ الصلاةِ الوسطى (١:٦٤٨)، وتفسير القُرْءِ (١:٦٠٧)، ويظهرُ هذا جليًّا بالاطلاعِ على كتبِ آياتِ الأحكامِ، والله الموفق. (١) المعتزلةُ من أكثر الفرق الإسلامية أثراً في علم الكلامِ، واختلف في سبب تسميتهم بهذا الاسم، ومن أشهرها أنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري وخالفوه في الحكم على عصاة المؤمنين، فجعلوه بمنزلةٍ بين المنزلتين، وتقلَّد ذلك الأمر واصل بن عطاء تلميذ الحسن، ثمَّ صارت لهم الأصول الخمسة التي يتفقون على جملتها، ويختلفون في كثير من تفاصيلها، فهم فيها طوائف متعددة، وأصولهم هي: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنْزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الألقاب التي تطلق عليهم: القدريَّة، والمراد به: نفي تقدير الله السابق، وأن الإنسان يخلق فعله. انظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، للملطي، تحقيق: يمان المياديني (ص:٤٩ - ٦٣). (٢) عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الأصم، شيخ المعتزلة، كان ديِّناً وقوراً، صبوراً على الفقرِ، منقبضاً عن الدولة، وكان فيه ميلٌ عن أمير المؤمنين علي، مات سنة (٢٠١). المنية والأمل (ص:٥٢)، وسير أعلام النبلاء (٩:٤٠٢).