للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى معرفةِ وزنها. واعتبروا أنَّ وزنها (١.٦٦) جزءً من مليونِ مليارِ مليارِ جزءٍ من الغْرَامِ، فسبحان اللهِ الَّذِي خلقَ الذَّرَّةَ ونواتها وما فيها من طاقةٍ وكتلةٍ وقوَّةٍ.

وإذ توصَّلَ رجالُ العلمِ الحديثِ إلى تجزئتها، فإنَّ القرآن الكريمَ أعلنَ ذلكَ صراحةً مشيراً لذلكَ بلفظِ (أصغر)؛ أي: أصغر من الذَّرَّةِ، فقال: {وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: ٦١].

وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَاتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَاتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٣].

فذكر اللهُ: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، وهو وزنُها، {وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ}، وهو جُزْؤها، فيكونُ القرآنُ قدْ سبقَ علماءَ الذَّرَّةِ بذكر ثقلها ووزنها وانقسامها، فكانَ ذلك معجزةً واضحةً» (١).

وهذا المتعرِّضُ لتفسيرِ هذه الآية ـ كما ترى ـ لم يُجهِدْ نفسَه في البحثِ عن معنى الذَّرَّةِ في لغةِ العربِ ولا في قولِ المفسِّرينَ، إذ لا تجدُ لهم ذِكْراً عنده، بل حملها على مصطلحاتٍ حادثةٍ، فجعلها بمعنى الجوهرِ الفردِ عند المتكلِّمينَ، ثمَّ جعلها الذَّرَّة المعروفةَ في هذا العصرِ في اصطلاحِ الفيزيائيين والكيميائيين (٢)، وهلْ أُنزلَ القرآن على مصطلحاتِ المتكلمينَ أو منْ جاءَ بعدَهم؟!.


(١) معالم القرآن في عوالم الأكوان، للشيخ أحمد محيي الدين العجوز (ص:٢٩٨ - ٢٩٩).
(٢) الذَّرَّة في الفيزياء والكيمياء أصغر جزءٍ من المادة، وكان يُعتقَدُ أنها لا تنقسمُ، ثُمَّ ثبتَ بعدَ ذلكَ وقوعُ الانقسامِ فيها، وأنها تتكون من نيوترونات وبروتونات. ينظر: الموسوعة العربية الميسرة، ط: دار الشعب (ص:٨٤٤).

<<  <   >  >>