للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في القرآنِ، وأغلبُ ما يقعُ ذلك في الأساليبِ الكلاميَّةِ العربيَّةِ، ومن أمثلةِ ما نصَّ عليه علماءُ العربيَّةِ في ذلك:

* قال ابن قتيبةَ (ت:٢٨٦): «ومن المقلوبِ ما قُلبَ على الغلطِ؛ كقولِ خِداش بن زُهيرٍ (١):

وتُرْكَبُ خَيلٌ لا هَوَادَةَ بَينَهَا

وَتَعصِي الرِّمَاحُ بِالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ

أي: تعصي الضيَّاطِرةُ بالرِّماحِ، وهذا ما لا يقعُ فيه التَّأويلُ؛ لأنَّ الرِّماحَ لا تعصي الضَّياطرةَ، وإنما يعصي الرِّجالُ بها؛ أي: يطعنون ...

وكانَ بعضُ أصحابِ اللُّغةِ يذهبُ في قولِ اللهِ تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة: ١٧١] إلى مثلِ هذا في القلبِ، ويقولُ: وقعَ التَّشبيهُ بالرَّاعي في ظاهرِ الكلامِ، والمعنى للمنعوقِ به، وهو الغنم.

وكذلكَ قولِ اللهِ تباركَ وتعالى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: ٧٦]؛ أي تنهضُ بها وهي مُثقَلةٌ.

وقالَ آخرُ في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]؛ أي: وإنَّ حبَّه للخيرِ لشديدٌ.

وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: ٧٤]؛ أي: اجعل المتَّقينَ إماماً لنا في الخيرِ.


(١) خداش بن زهير بن ربيعة، من هوازن، شاعر مشهور من شعراء قيس المجيدين، شَهِدَ حرب الفجارِ، وسجَّل كثيراً من أحداثها في شعره، ينظر: معجم الشعراء الجاهليين (ص:١٢١)، ومعجم الشعراء (ص:٨١ - ٨٢).
والبيت في مجاز القرآن (٢:١١٠)، والكامل في الأدب، تحقيق: الدالي (٢:٥٨٠)، وجمهرة أشعار العرب (٢:٥١٩)، وغيرها من المصادر.
والهوادة: الموادعة. والضياطرة: جمع ضيطر، وهو الضخم اللَّئيم.

<<  <   >  >>