للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: الحسنى؛ أي: البنون، فذلك قول الله تعالى في النَّحْلِ: {لَهُمُ الْحُسْنَى} [النحل: ٦٢] (١)؛ أي: البنون.

والوجه الثالث: الحسنى؛ يعني: الخيرَ، فذلك قولُه في براءة: {إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى} [التوبة: ١٠٧] يقولُ: ما أردنا ببناء المسجدِ إلاَّ الخيرَ (٢).

ونظيرها في النساءِ: {إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقًا} [النساء: ٦٢] (٣)، يعني: الخير» (٤).

تحليلُ هذا المثالِ:

١ - إنَّ مقاتلَ بنَ سليمان (ت:١٥٠) جعلَ لفظَ الحسنى في القرآن على ثلاثةِ وجوهٍ: (الجنَّة، والبنون، والخير)، وهذه الوجوهُ معانٍ مختلفةٌ لهذه اللَّفظةِ.

٢ - وإنه يكفي في الوجوه اتفاقها في المادَّةِ، وإن لم تتفقْ في صورةِ اللَّفظِ؛ كالحسنى والإحسان.

٣ - وإنه في الوجه الأولِ فَسَّرَ الحسنى في آيةِ يونسَ بأنها الجنَّة، ثمَّ جعل الحسنى في آية سورةِ النَّجمِ نظيرةً لآيةِ سورةِ يونس.

وفسَّرَ الحسنى في آية سورة براءة بأنها الخير، ثُمَّ جعلَ الحسنى في آية سورة النِّساء نظيرةً لها، فهما موضعان مختلفان من القرآنِ، لكنهما اتفقا في


(١) الآية: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى}، وما يكرهونه: البناتُ، حيثُ يقولونَ الملائكةُ بناتُ اللهِ، تعالى اللهُ عما يقولون علوًّا كبيراً.
(٢) إشارةً إلى أول الآيةِ، وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية.
(٣) الآية ضمن آيات في المنافقين، ومطلعها: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقًا}.
(٤) الأشباه والنظائر، لمقاتل (ص:١١).

<<  <   >  >>