عنه أنه رد رجاء مسلم. وفي فقهه السياسي - صلى الله عليه وسلم - أنه إن لبى رجاء ابن أبي، فلعل هذا الموقف يغسل قلبه، ويزيل الغشاوة عنه فتتم هدايته. فقال له: هم لك. ولعل الذين يسيرون وراء زعامة ابن أبي يصلحون بصلاحه فيتماسك الصف المسلم، ويلتحم، فلا يضيره كيد العدو أبدا.
وإن كان لنا أن نستفيد من هذه الحادثة فهو الحكم على الجنود أو القيادات الدنيا أو الوسطى الذين يريدون أن يفرضوا رأيهم على القيادة العليا للجماعة، ويمارسون ضغوطا مادية أو معنوية بما لديهم من رصيد شعبي أو سمعة طيبة، فيكرهون القيادة على تبني مواقف لا تقتنع بها أو يحرجونها في تصرفات قد لا تقتضيها مصلحة الجماعة. فهذا الموقف الذي يقفه هؤلاء هو شبيه بموقف ابن أبي الذي استغل ثقة بعض الجماهير به واتخذ هذا الموقف لحماية حلفائه من بني قينقاع. ومن توفيق الله تعالى أن وجدنا النموذج الأمثل للجندية الخالصة في هذه الحالة وهو نموذج عبادة بن الصامت رضي الله عنه مع حلفائه الذي أعلن فيه براءته من اليهود وتولى الله ورسوله وجماعة المؤمنين.
فليس من حق زعيم أو قائد في صف الحركة الإسلامية أن يتخذ موقفا يناقض موقف قيادة الجماعة وبخاصة أمام أعداء الله.
إن جنود الحركة الإسلامية ورجالاتها تبع لقيادتهم يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت، ولو كانت القناعة عندهم بالمصلحة عكس موقف الجماعة العام، طالما أنهم جزء منها. فلا بد من تبني مواقفها.
فلقد أقدمت الحركة الإسلامية في بعض فصائلها على تحالف مع بعض أعدائها ضد عدوها الأول. فإذا بعض جنودها ينتفض ويملأ الدنيا حربا عليها، ويعلن موقفه هذا أمام العدو والصديق، ويهاجمها في صحف الغرب مشهرا بهذا الموقف. بل ساد صفوف كثير من شبابها نقمة على هذا التحالف. ومثل هذا التصرف يجعل القيادة عاجزة شلاء عن تنفيذ مخططاتها وأهدافها. وبمقدار ما يلتزم الجنود بموقف قيادتهم مع أعدائها حربا أو سلما بمقدار ما تتمكن الحركة الإسلامية من السير بهذه الجماعة نحو غاياتها القريبة والبعيدة. وأي