للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضغط يفرض من جندي أو زعيم على القيادة هو تصرف متساوق مع تصرف ابن أبي في ولائه لليهود ودفاعه عنهم وحمايته لهم (١).

د - دورهم في غزوة أحد:

يقول ابن إسحاق: (... فقال عبد الله بن أبي بن سلول يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه. فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر محبس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فرقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤوا فلم يزل الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلبس لأمته ... فخرج في ألف من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة أحد انخذل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم وعصاني. ما ندري علام نقتل أنفسنا أيها الناس. فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق والريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام يقول: يا قوم أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عندما حضر من عدوهم فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال. فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه (٢)).

صحيح أن أزمة الشقاق قد تم تفاديها يوم بني فينقاع، واستجيب لرأي ابن أبي غير أن الأيام كانت تترى وموقف ابن أبي لم يتغير. فهو لا يزال معتدا بحزبه، ولا يزال يوغر الصدور في الخفاء ضد المسلمين. وكان الموقف يوم أحد هو القشة التي قصمت ظهر البعير. فلم يؤخذ برأيه في البقاء في المدينة، كما تذكر بعض الروايات (أن كتيبة حسنة التسليح لها رجل منفردة عن سواد الجيش. فقال: ما هذا؟ فأبلغوه أن الكتيبة من اليهود حلفاء عبد الله بن أبي.


(١) من الأمانة أن لا ننسى الفرق في الموقف حين يكون بين جندي وقائده اليوم وبين الموقف الأصلي الذي يكون طرفه الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيفسق من يحرجه أو يكفر من يعصيه. وطرفه الثاني ابن أبي الذي أظهر الإسلام وأبطن الكفر. وشهد القرآن الكريم بنفاقة وغموضه في النفاق.
(٢) تهذيب السيرة ص ١٥٧ - ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>