فقط توقفا سياسيا حتى لا يعطي العدو فرصة للتشهير بالصف الإسلامي أمام المحايدين:(فكيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه).
إنه كثيرا ما يسود الصفوف اتهام صارخ للقيادة بسكوتها على المخربين أو صبرها على بعض الانحرافات داخل الصف، مع أن ظروفا داخلية وخارجية تمر بها الجماعة المسلمة تقتضي منها تأجيل بعض الأحكام أو توقيف بعض التصرفات، ولعل جنود الصف يدركون المدى الأبعد للقيادة في حرية التعامل في صفها الداخلي أو مع عدوها الخارجي من خلال هذه الحادثة. لقد امتنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل رجل نزل الوحى فيما بعد بتكذيبه وبصحة ما وجه إليه من كفر بواح وهو يهدد ليخرجن الأعز منها الأذل، وذلك لاعتبارات سياسية بحتة، ولسمعة الجماعة المسلمة أن لا تتفتت عند أعدائها، فيستغل العدو هذه الفرصة.
ما أحوجنا إلى أن ندع الحرية للقيادة في التعامل مع شبابها ومع خصومها! فهي أدرى بالظروف التي تتعرض لها منا، ومن حقنا أن نوضح رأينا. كما فعل عمر رضي الله عنه وهو يطالب برأس ابن أبي، أو كما فعل سعد وأسيد وهما يطالبان بالرفق به. لكن ليس من حقنا أن نفرض رأيا نرتأيه. ولا أن نتهم القيادة في موقف اتخذته هو من حقها، ويحسن أن لا يغيب عن بالنا أن قيادة الحركة المسلمة فيها من العلم والعالمين ما يجعلها على بصيرة من تصرفاتها.
لكن أشير إلى نقطة مهمة كذلك هي صلاحية القيادة للحركة، والقيادة للدولة. فقيادة الدولة قادرة على تنفيذ الحكم الشرعي بالقتل أو السجن أو النفي على أفرادها كما هي قادرة في كثير من الأحيان على مواجهة خصومها، ومع ذلك، فيتم مراعاة بعض الظروف والاعتبارات السياسية المحيطة بها، والتي تجعلها تتوقف في تنفيذ الأحكام، فمن باب أولى أن تكون قيادة الحركة أعجز وهي محكومة بظروف قاهرة من دول أخرى لها قوانينها وأعرافها، ولا تتعدى سلطتها المعنوية على أفرادها فصلا أو تجميدا مهما كانت خطيئة الجندي وذلك حين تتعارض المصلحة العامة للجماعة ومصلحة الفرد.