للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفوز في انتخابات معينة. دفعته ليمضي في التشهير والجرح والتحطيم ما وسعه سبيل إلى ذلك. وإذا هو حين يتقلد منصبا أو يتسلم سلطة تذهب هذه الغيرة العظيمة على مصلحة الجماعة، وينقلب مدافعا عنها وعن قيادتها.

إن كثيرا من المواقف المعادية للحركة الإسلامية تنطلق من حب الزعامة والمنصب وبالإمكان أن تعالج أحيانا هذه المواقف، ويصعب أو يستحيل معالجتها في حين آخر. إن طالب الزعامة والمنصب قد يراعي في بداية الأمر، وقد يتساهل معه في بعض الجزئيات. لكن أن يستمرىء هذا الإنسان هذه المراعاة، فلا يرضى إلا أن يكون الجميع تحت إمرته أو أن يكون الجميع بقيادته، وهو لا يستحق هذا المركز، ولا يستأهل هذا المنصب فحيئذ يكون من الخرق مراعاة مثل هذا النوع من الناس أو الاستجابة لطلباتهم، حتى أن كثيرا من الذين يعادون الإسلام إنما يعادونه خوفا على مصالحهم، وخوفا على زعامتهم. وأوضح مثالي على ذلك موقف أبي جهل من الإسلام ورسول الإسلام. أتنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وسقوا فسقينا، حتى إذا تحاذينا على الركب، وصرنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء). والحركة الإسلامية الواعية، تتخذ الموقف الوسط والأنسب في هذه الأمور. فلا حرج عليها أن تراعي بعض هذه النوعيات، وإشعارهم بمقامهم المحفوظ في الإسلام: أو أن ترفض أية مراعاة لهم حين ترى خطرهم على الجماعة والدعوة، والموقف واحد مع من هو داخل الصف أو خارجه، في حركة إسلامية أو مستقل الرأي أو في موقف معاد للدعوة والحركة.

٩ - ويطالعنا موقف المسلم العظيم عبد الله بن عبد الله بن أبي الذي كان له دور كبير في إنهاء سلطان أبيه من أرض الإسلام. وذلك في تصرفين عظيمين:

التصرف الأول: وبعد أن ثبت له عن طريق الوحي صدق مقالة زيد فيما نقله عن أبيه تبرأ من أبيه، ووقف له على باب المدينة، واستل سيفه. فلما جاء ابن أبي قال له: والله لا تجوز من ها هنا حتى يأذن لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>