للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والماركسية والعلمانية إلا صورة من صور هذا التضليل، إنهم يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا.

ولئن كان دورهم في البداية رهيبا، فلم يرعووا عن ذلك، بل راحوا يؤججون النار مع إخوانهم من بني قريظة لنقض العهد. وذلك في قلب المعركة كما تروي السيرة عن زعيمهم حيي بن أخطب (وكان حيي بن أخطب يقول - لأبي سفيان بن حرب ولقريش في مسيره معهم -: إن قومي قريظة معكم، وهم أهل حلقة وافرة، وهم سبعمائة مقاتل وخمسون مقاتلا. فلما دنوا قال له أبو سفيان: إئت قومك حتى ينقضوا العهد الذي بينهم وبين محمد، فأتى بني قريظة - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة صالح قريظة والنضير ومن معهم من يهود ألا يكونوا معه ولا عليه، ويقال صالحهم على أن ينصروه ممن دهمه، ويقيموا على معاقلهم الأولى بين الأوس والخزرج - فأتى كعب بن أسد، وكان صاحب عقد بني قريظة وعهدها. فكرهت قريظة دخول حيي بن أخطب إلى دارهم فإنه كان يحب الرئاسة والشرف عليهم، وكان يشبه بأبي جهل في قريش. فلقيه عزال بن سمؤال أول الناس، فقال له حيي: قد جئتك بما تستريح به من محمد، هذه قريش قد دخلت وادي العقيق، وغطفان بالزغابة! فقال عزال: جئتنا والله بذل الدهر! فقال: لا تقل هذا .. (١)) (فلما سمع كعب حيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه، فاستأذن عليه، فأبى أن يفتح له، فناداه حيي: ويحك يا كعب! افتح لي؟ قال: ويحك يا حيي! إنك امرؤ مشؤم، وإني قد عاهدت محمدا، فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا؟ قال: ويحك! افتح لي أكلمك؟ قال: ما أنا بفاعل؟ قال: والله إن أغلقت دوني إلا عن جشيشتك (٢) أن آكل معك منها؟ فأحفظ الرجل، ففتح له؟ فقال: ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر، وببحر طام، جئتك بقريش على قادتها وسادتها. حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى


(١) إمتاع الأسماع للمقريزي ج ١ ص ٢٢٥ و ٢٢٦.
(٢) الجشيشة: طعام يصنع من الجشيش وهو البر.

<<  <  ج: ص:  >  >>