للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتل وسلم له ماله وولده وأهله قال لثابث: فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك ألا ألحقتني بالقوم، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير (١).

وقد راعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرامة امرأة من المسلمين حين طلبت حماية رفاعة بن سموأل القرضي قائلة: يا نبي الله بأبي أنت وأمي هب لي رفاعة فإنه زعم أنه سيصلي ويأكل الجمل؟ قال: فوهبه لها، فاستحيته (٢).

إن القيادة العبقرية لا تعدم وسيلة تطمئن بها جنودها على احترام رأيهم وتقديره حتى ولو كانت خطتها تعاكس أهواء فريق من هؤلاء الجنود. إنها لا تعطل خطتها، لكن لا تتحدى رغبات جنودها بل تحرص على قناعتهم وإشعارهم بأهمية رأيهم ووجاهته.

صحيح أن على القاعدة أن تطيع، وصحيح كذلك، أن السمع والطاعة ليسا كل شيء في علاقة القواعد مع القيادة، بل الحب، والثقة، والتفاني هو الأصل في العلاقة. ومن أجل ذلك كان حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤكد الخيرية في أمراء هذه الأمة من خلال الحب: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم (٣). وما أحوج قيادة الحركة الإسلامية أن تدرك هذا المعنى وتعمل من خلاله!. وكان بعدها حكم سعد بن معاذ.

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرعى قيادات الجماعة المسلمة، ويعطيها الأهمية الكبرى. فسعد جريح في خيمة رفيدة، وكان بإمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمضي أمره بدون رأي سعد. لكنه التكريم العظيم لقائد من قادات هذه الأمة. فلا يحكم بأمر حلفائه إلا بحضوره، بل يوجه الجميع إلى إكبار هذا القائد: قوموا إلى سيدكم. فقاموا له: ويأتي دور سعد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطمئن إليه، واثق باختياره، وعارف مدى تفانيه بحب الله ورسوله، وترفعه عن العصبية أو الهوى أو حظ النفس، وكم أراده قومه على ذلك فقال: آن لسعد أن لا


(١) السيرة النبوية لابن هشام ص ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ص ٢٥٥.
(٣) رواه مسلم عن عوف بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>