للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعتها العسكرية قد تدهورت رغم ضروب البسالة والتضحية التي أبدتها في المعارك التي خاضتها وأصبح الكثير من المحايدين يصبون غضبهم على هذه الحركة لأنها فتحت حربا غير قادرة على خوضها، بل ينفضون أيديهم منها، وأصبح المتغاطفون مع الحركة الجهادية منصرفين عنها، كما أن ظروف الحركة الإسلامية اليوم بعد محنتها هي أفضل من ظروف الحركة الإسلامية بعد أحد.

إن الخصوم الفكريين للحركة والمجاورين للطاغوت لهم مصلحة كبرى في سقوط النظام النصيري المقيت في المنطقة. بينما لم يكن لأحد من أعداء المسلمين في الجزيرة العربية مصلحة في سقوط نظام قريش وزوال سلطانها، وهم يرونها تقدم الخدمة لحجيجهم وتتفانى في خدمتهم.

صحيح أنه ليس من مصلحة الحركة الإسلامية اليوم أن تعدد جبهاتها أو تكثر خصومها، وأن تحصر معركتها مع طاغوت مستبد واحد، حاربها أعنف المحاربة، ولكن استمرار الركود بعد المحنة، يغير الجو كله ضدها، ويطمع الجميع فيها، بل بتعبير أدق، يمكن أن تفقد مواقعها التي ربحتها من خلال ثقة الناس بقوتها وقدرتها على الصمود والمواجهة وإسقاط النظام الطائفي الكافر.

كما أننا لا ننسى صعوبة هذا الخط الهجومي للحركة الإسلامية اليوم، وهي تنطلق من غير أرضها، ومن غير سلاحها، وليس عندها أرض محررة تتحرك فيها. لكن هذا لا يعفيها من المواجهة، وإلا خسرت رصيدها كله، وأطمعت الأعداء فيها بل الأصدقاء وكذلك.

الخط الثالث: لم يكن هدف الدعوة لينسى أبدا على الطريق، إنه دائما الهدف الأول، وفي الوقت الذي رأى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرصة سانحة لهذه الدعوة أن تنتشر لم يتوان أبدا عن بث الدعاة لذلك، وما المحنتان الضخمتان اللتان حلتا بالمسلمين في الرجيع وبئر معونة إلا بسبب ذلك. وكان هذا بعد أشهر قليلة من محنة أحد، ولا شك أن انتشار الدعوة في أرض جديدة، يعني كسب أنصار جدد لها، وهذا ما حدا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث عشرة إلى عضل والقارة وأن يبعث أضخم تجمع دعوي إلى نجد قوامه سبعون من قراء

<<  <  ج: ص:  >  >>