الثانية: تأزم الثقة في الصف المسلم وفقدانها أحيانا، وتخلخل هذا الصف وضعفه وهو أخطر من المحنة الأولى.
ونود من شباب الدعوة أن لا يجدوا الغرابة أو يستهجنوا ضعفا أو خسارة لأن هذه سنة الأنبياء في حربهم مع أعدائهم: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس (١)}. وكما قال أبو سفيان بين يدي هرقل: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه. كما يشير الأمر كذلك إلى إمكانية الثقة بمشرك والتعامل معه بأعرافه. فأبو براء مع أنه لم يدخل في الإسلام، فقد قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جواره للسبعين من صحبه، ولم يخفر أبو براء ذمته، لأن بني عامر حافظوا على جواره. إنما غدرت بنو سليم بهم بدعوة عامر بن الطفيل.
ونود أن نشير إلى نقطة ثانية:
إن شباب الدعوة كثيرا ما يحكمون بسقوط القيادة لأنها خدعت من عدو، ولأنها لم تستطع كشف هويته، وهذا ما جرى في وقتنا الحاضر مع بعض قيادات الجماعة المسلمة حين ذخل عليها من بعض أعدائها. فليطأمن الشباب من غلوائهم، وهم يرون سيد الخلق الموحى إليه من السماء يخدع بالله فينخدع، ويرسل الشباب العشرة يدعون للإسلام، فإذا بهم يسلمون للأعداء من هؤلاء الغادرين.
الخط السادس: صبر وثبات الشباب على هول المحنة وضخامتها فرغم مرور سنتين على تتابع المحن دون تحقيق نصر حربي يذكر. فما فت ذلك في أعضاد المسلمين، وما ألان قناتهم، ولا نقول الصف كله، بل غالبية الصف، ولم يتخلف جندي عن أمر يوكل إليه سواء أكان وحده ليدخل جيش عدو أو يغتال قائد جيش، أو يمضي في سرية صغيرة يواجه بها جيشا عرمرما أو يلاحقه. لقد كانت صفة الالتزام والطاعة هي السيمة الأساسية في قلب هذه المحنة، وما قصة حذيفة عنا ببعيدة حين انتدب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يأتيه