بخبر القوم أيام الخندق، فلم يستجب أحد من الخوف والجوع والبرد رغم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترط لمن يخرج ليأتيه بالخبر، السلامة ورفقته في الجنة. لكن عندما نادى حليفة باسمه ما تردد حذيفة لحظة واحدة في تلبية الأمر، لأنه أمر محدد لشخصه دون أن يعبأ بالجوع والبرد والخوف.
الخط السابع: إن هذا التحرك العسكري خلال السنتين لم يرافقه مواجهة مع العدو لقد كان كله فض تجمع أو محاصرة موقع، حتى غزوة بني النضير التي رفعت معنويات المسلمين إلى الأوج. لم يقع فيها حرب تذكر، كما يقول تعالى: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير (١)}. فالله تعالى ألقى الرعب في قلوب المظاهرين من أهل الكتاب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار.
الخط الثامن: ويقظة القيادة واضحة تماما خلال هذه المرحلة التي تراقب الجو كله من كل جهاته. من جهة مكة وقريش في الجنوب، ومن جهة نجد في الشرق، ومن جهة الشام في الشمال، وأي تجمع تسمع به، يود أن ينقض على المدينة تباغته قبل أن يتحرك وتلاحقه. فتحطم أعصابه وأعصاب حلفائه. وإذا كنا نجد العذر للقيادة أن تخدع مرة واحدة، فليس هذا يعني أن تكون دائما كذلك، أو أن تبرر غفلتها وسذاجتها تحت هذا الستار، فلئن وقعت المأساة والمحنة مرة أو مرتين، لكن اليقظة النبوية العجيبة حطمت عشرات المحن التي يمكن أن تحل بالمسلمين لو ركنت مرة واحدة أو هدأت أو انشغلت بنفسها عن المعركة.
الخط التاسع: وبهذا التحرك خلال هذه المرحلة، وإن لم يتحقق نصر عسكري حاسم، فقد تحقق نصر معنوي مؤزر، وذلك من خلال سرعة الحركة ودراستها المستأنية وتخطيطها المحكم، ولم تمكن قريشا من أن تتغنى بأمجادها كثيرا خاصة عندما تم تحدي المسلمين لقريش التي نكلت عن