فغادرن قتلى الأوس عاصبة بهم ... ضباع وطير يعتضين وقوع
وجمع بني النجار في كل تلعة ... بأبدانهم من وقعهن نجيع
ولولا علو الشعب غادرن أحمدا ... ولكن علاء السمهري شروع
كما غادرت في الكر حمزة ثاويا ... وفي صدره ماضي الشباة وقوع
لا يدعه الشاعر المسلم دون أن يذكره بصبر الأوس والخزرج تحث راية محمد - صلى الله عليه وسلم -:
فقد صابرت فيهم بنو الأوس كلهم ... وكان لهم ذكر هناك رفيع
وحامى بنو النجار فيه وصابروا ... وما كان منهم في اللقاء جزوع
وهؤلاء الذين تنالون منهم هم سادتكم في القوم، محمد وحمزة وعلي وغيرهم:
أولئك قوم سادة في فروعكم ... وفي كل قوم سادة وفروع
بهن تعز الله حتى يعزنا ... وإن كان أمر يا سخين فظيع
فلا تذكروا قتلى وحمزة فيهم ... قتيل ثوى لله وهو مطيع
فإن جنان الخلد منزلة له ... وأمر الذي يقضي الأمور سريع
وقتلاكم في النار أفضل رزقهم ... حميم معا في جوفها وضريع
وهذا هو محور المنافسة في نهاية المعركة، فأبو سفيان يصرخ، أعل هبل، فيأتيه الجواب: الله أعلى وأجل. ويعيد أبو سفيان فخره: لنا العزى ولا عزى لكم. فيرتد عليه فخره: الله مولانا ولا مولى لكم، لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، غير أن هندا لم ترو ظمأها في أحد، ولم تشتف ثأرها حتى حين بقرت بطن حمزة عن الكبد.
رجعت وفي نفسي بلابل جمة ... وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي
من أصحاب بدر من قريش وغيرهم ... بني هاشم منهم ومن أهل يثرب
ولكنني قد نلت شيئا ولم يكن ... كما كنت أرجو في مسيري ومركابي (١)
(١) مقتطفات من السيرة لابن هشام ص ١٣٦ - ١٧٨.