جديد، وفي هذه المعركة لا بد من دحض افتراءات اليهود أنهم على الحق، وأنهم أهل الكتاب الأول:
لقد خزيت بغدرتها الحبور ... كذاك الدهر ذو صرف يدور
وقد أوتوا معا فهما وعلما ... وجاءهم من الله النذير
فقالوا ما أتيت بأمر صدق ... وأنت بمنكر منا جدير
فلما أشربوا عذرا وكفرا ... وحادبهم عن الحق النفور
فغودر منهم كعب صريعا ... فذلت بعد مصرعه النضير
فتلك بنو النضير بدار سوء ... أبارهم بما اجترموا المبير
لكن اليهود وقد غلبهم الحقد الدفين لم يجدوا ما يردون به على المسلمين غير التغني بأمجاد قريش وأحد:
قتلتم سيد الأحبار كعبا ... وقدما كان يأمن من يجير
فإن نسلم لكم نترك رجالا ... بكعب حولهم طير تدور
كما لاقيتم من بأس صخر ... بأحد حيث ليس لكم نصير
وطالما أن ملة الكفر واحدة، فحن على بني النضير عباس بن مرداس أخو بني سليم:
فبك بنى هارون واذكر فعالهم ... وقتلهم للجوع إذ كنت مجدبا
سراع إلى العليا، كرام لدى الوغى ... يقال لباغي الخير أهلا ومرحبا
وكان الرد عنيفا عليه في تخليه عن أرومته العربية:
فهلا إلى قوم ملوك مدحتهم ... تبنوا من العز المؤثل منصبا
أولئك أحرى من يهود بمدحة ... تراهم وفيهم غزة المجد ترتبا (١)
والعرب لا تزال ترمق الموعد الجديد بين محمد وقومه بدر الآخرة. فلم يدع المسلمون تخاذل أبي سفيان عن حضورها يمر دون هجاء وسُبة:
وعدنا أبا سفيان بدرا فلم تجد ... لميعاده صدقا وما كان وافيا
فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا ... لأبت ذميما وافتقدت المواليا
(١) السيرة النبوية: مقتطفات من الصفحات ٢٠٩ - ٢٢١.