قائده عليه الصلاة والسلام، ولم يكن أصلا يبيح لنفسه أكثر من إبداء الرأي قبل أن يسمع قول النبي عليه الصلاة والسلام.
ولا شك أنه كان متوتر الأعصاب من هذه المعاهدة، وتمنى في قرارة نفسه لو فشل الصلح، وانفض القوم بدونه لكن ما كان له أن يتصرف أي تصرف يحقق هذا لغرض، وحين عرض على أبي جندل أن يقتل أباه وسأله أبو جندل: ما لك لا تقتله أنت؟ قال عمر: نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقتل أحدا. فأجابه أبو جندل: ما أنت أحق بطاعة رسول الله مني.
وكلمته التي كررها مرارا هي التذكير بالبنود المجحفة كما ظهر له من خلال قوله: قلم نعط الدنية في ديننا.
وإذا وقفنا عند تصرف الصحابة أثناء كتابة الصحيفة عند الحديث عن البسملة. والرسالة نلاحظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك لهم إبداء الرأي قبل أن يعلن رأيه فأظهروا احتجاجهم وأعلنوا رفضهم. وأمسكوا بيد الكاتب لكن إشارة واحدة منه - صلى الله عليه وسلم - كانت كفيلة بالصمت التام والقبول.
ولهذه القضية أثران اثنان:
الأول إشعار قريش قوة المسلمين واندفاعهم واستعدادهم للمواجهة والحراب فليست المعاهدة عن ضعف أو تخاذل من الصف.
الثاني: إشعار العدو كذلك مدى السمع والطاعة في هذا الصف المسلم الذي يتراجع عن رأيه أمام رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قوله.
ولا بد من بروز هذين المعنين أمام العدو ليعرف حقيقة هؤلاء الجنود، وقوة شكيمتهم. فلا تسول له نفسه نقض العهد.
إن السمع والطاعة في المكره والمعسر هو أعظم أثرا منه في حالة المنشط واليسر، والذي يلتزم في المكره والعسر لا شك أنه ملتزم عندما يتجاوب الأمر مع حبه وقناعته واستعداده، وهو المعنى الحقيقي للسمع والطاعة.
والدرس الذي نود أن نتوجه به إلى القيادات الإسلامية والمسؤولين في الحركة هو أن يرحموا أعصاب جنودهم حين لا يسطيعون تفسير الأوامر لهم.
ففي صلح الحديبية. وقائدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموحى إليه من عند الله عز وجل ومع ذلك لم