للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ ماذا يجدى وجود عملاء لقريش في الصف المسلم أو منافقين يكيدون للإسلام؟

٥ - ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مكة في ظاهره فشل لحملة الحديبية وفي حقيقته اعتراف رسمي بحق المسلمين بدخول مكة في العام القادم.

وكم الفرق بين نصر جزئي لن يصل له المسلمون دون مئات الشهداء والقتل من الفريقين.

وبين دخول رسمي لمكة من المسلمين بإقرار المشركين.

وليس بعد قول الله تعالى قول. فلقد سمى الحديبية - جل شأنه - فتحا مبينا. فقال عز من قائل:

{إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا} (١).

واقتضت هذه الآيات، تهنئة أهل السماء على لسان جبريل عليه السلام، وتهنئة أهل الأرض وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد استدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين المسلمين جميعا. ليتلو عليه آيات الله، ويسكب الطمأنينة والسكينة والأمن في قلبه.

{هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليا حكيما) (٢).

يقول أبو بكر رضي الله عنه:

(ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية. ولكن الناس يومئذ قصر رأيهم عما كان بين محمد وربه. والعباد يعجلون، والله لا يعجل كعجلة العباد حتى تبلغ الأمور ما أراد.

لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الودع قائما عند المنحر يقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنه. ورسول الله ينحرها بيده! ودعا الحلاق فحلق رأسه فأنظر إلى سهيل يلقط من شعره - صلى الله عليه وسلم - وأراه يصعه على عينيه! وأذكر إباءه أن يقر يوم الحديبية بأن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم! وإباءه أن يكتب أن محمدا رسول الله! فحمدت الله الذي هداه للإسلام. فصلوات الله وبركاته على نبي الرحمة الذي هدانا به. وأنقذنا به من الهلكة) (٣).

والحركة الإسلامية اليوم بحاجة إلى أن تراجع رصيدها على ضوء هذه السمة وأن لا تشغلها


(١) سورة الفتح الآيات ١ - ٣.
(٢) الآية ٤ من سورة الفتح.
(٣) إمتاع الأسماع ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>