للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين الله أفواجا {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}.

النصر الحقيقي هو أن تدخل قادة العدو في الإسلام لا أن تهزمهم في معركة من معارك الإسلام. ويبقى هذا الهدف هو الأعلى.

نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها، لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.

لكن فن الدعوة لا بد أن يلامس تلك النفوس لمسا حادا، وينفذ إلى أعماقها نفوذا حكيما بحيث يكون هو المصير للمدعو ولا مصير غيره هو الحل ولا حل غيره.

أما إذا شعر العدو أو الخصم أن الإسلام هو الذي يذل، ويحطم مصالحه. فسيبقى في إطار العداء لله على الدوام.

ومن إسلام خالد إلى خطواته في الدعوة بعد لحظات إلى رفاق دربه صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل وعثمان بن طلحة.

وحين شرح الله صدر خالد للإسلام صار على التو داعية إلى الله وتذكر أحب الناس إليه هؤلاء الثلاثة وراح يعرض عليهم الإسلام فطووا عنه كشحا، فلم تنلهم هزة خالد، ولم يشرح الله صدورهم بعد غير أن إقدامه على دعوتهم ليعطي دلالة واصحة على صخامة هذه الهزة فلقد كان بإمكانه أن يكتم خبره ويمضي وحده إذا كان هذا الإيمان ذاتيا من جهة، وباردا من جهة ثانية، لكن حرارته وصدقه، هما اللذان دفعاه إلى عرض هذا الدين على رفاق الدرب معه بل أصبح يدرك ببصيرة المؤمن، أن عناد هؤلاء الرفاق مرتبط بنزعات جاهلية عميقة ولما يمر عليه في الإسلام ساعات بعد. إذ أن مقتل آبائهم وإخوانهم هو الذي يعمي بصرهم عن الحقيقة ولن يدرك الحقيقة موتور ثائر إنما يدركها مخلص. بعيد عن الهوى والغرض.

ولعلنا قبل أن ننتقل مع القادة الثلاثة إلى المدينة نستمع لعمرو رضي الله عنه ينقل لنا طرفا من الحديث من خلال رواية البيهقي عن الواقدي:

(... فغضب من ذلك ورفع يده فضرب بها أنفي ضربة ظننت أنه كسره، فأبتدر منخراي فجعلت أتلقى الدم بثيابي، فأصابني من الذل ما لو انشقت بي الأرض دخلت فيها فرقا منه ثم قلت: أيها الملك لو ظننت أنك تكره ما قلت ما سألتك. قال فاستحيا، وقال يا عمرو تسألني أن أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، والذي كان يأتي عيسى لتقتله؟ قال عمرو: فغير الله قلبي عما كنت عليه، وقلت في نفسي، عرف هذا الحق العرب والعجم

<<  <  ج: ص:  >  >>