الطغاة فيشاركون في معركة الحق الأبلج .. ويكونون الوقود الأساسي لمعارك الإسلام وهم عشرات الألوف.
وفي أعقاب مؤتة وعلى خطاها كانت غزوة ذات السلاسل، وكان بطلها فلذة كبد مكة الثاني عمرو بن العاص (وقد ذكرها الحافظ البيهقي ها هنا قبل غزوة الفتح فساق من طريق موسى بن عقبة وعروة بن الزبير قالا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من مشارف الشام في بلى وعبد الله ومن يليهم من قضاعة. قال عروة بن الزبير وبنو بلى أخوال العاص بن وائل، فلما صار إلى هناك خاف من كثرة عدوه فبعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمده فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين الأولين فانتدب أبو بكر وعمر في جماعة من سراة المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين، وأمر عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة بن الجراح. قال موسى بن عقبة، فلما قدموا على عمرو قال: أنا أميركم وأنا أرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استمده بكم. فقال المهاجرون، بل أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أمير المهاجرين. فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددته. فلما رأى ذلك أبو عبيدة، وكان رجلا حسن الخلق لين الشكيمة - قال: تعلم يا عمرو أن آخر ما عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قال: إذا قدمت إلى صاحبك فتطاوعا. إنك إن عصيتني لأطيعنك فسلم أبو عبيدة الإمارة لعمرو بن العاص.
قال الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان عن يزيد بن رومان أن أبا عبيدة لما آب إلى عمرو بن العاص فصاروا خمسمائة فساروا الليل والنهار حتى وطىء بلاد بلى ودوخها. وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا بك تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلى وعذرة وبلقين. ولقي في آخر ذلك جمعا ليس بالكثير فاقتتلوا ساعة، وتراموا بالنبل ساعة، وحمل المسلمون عليهم فهزموا، وأعجزوا هربا في البلاد وتفرقوا ودوخ عمرو ما هناك وأقام أياما لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه. وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاة والنعم فكانوا ينحرون ويذبحون. ولم يكن في ذلك أكثر من ذلك. ولم تكن غنائم تقسم.
وقال أبو داود عن .. عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عمرو وصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} (١) فضحك نبي الله ولم يقل شيئا.
وقال الحافظ البيهقي عن أبي عثمان النهدي سمعت عمرو بن العاص يقول: بعثني رسول