أضعافها خلال هذين العامين، وسرعة هائلة امتصت هذه الطاقات دون أن يقع الصراع، أو يقع التصادم، أو تبرز الأنانيات، والصراع على السلطة فيكون أبو بكر وعمر وأبو عبيدة رضي الله عنهم جنودا تحت إمرة عمرو بن العاص.
نكتب هذا الكلام وتقف الذاكرة عند واقع الحركة الإسلامية المعاصرة لتنهج هذا النهج وإني لأتصور بعض قادة الكفر وقد هداه الله تعالى للإسلام. كيف تكون نظرة الشباب المسلم الحادة له، وتبالغ في الصفاء والنقاء والحديث عنه لدرجة تتهم فيها قيادة الحركة بممالأة الأعداء والانطلاق في تيار الاحتواء. وأتصور كذلك هذه العواطف الصادقة، وقد شهدت مثل حادثة الصلاة التي صلاها عمرو رضي الله عنه. حتى ليصلي بعد التيمم، ويظهر أن الأمر لم يكن واضحا للقاعدة الإيمانية بجواز التيمم على الجنابة، ومن أجل هذا كان الأمر مستغربا، ووصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويسأله: أصليت بالناس وأنت جنب؟
ومن ظاهر جواب عمرو رضي الله عنه أنه اجتهد دون الاستناد على حكم ثابت بجواز التيمم عن الجنابة ولذلك ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتماده على قول اله عز وجل {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} وضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئا.
لقد أقر عمرا على اجتهاده وليس ضحكه إلا دعابة له وموافقة على سلوكه.
أقول لو جرت مثل هذه الحادثة في الصف المسلم اليوم، وأقدم قائد حديث العهد بالإسلام على هذا الأمر فصلى بالناس وهو جنب لاتهمت قيادة الجماعة بالكفر البواح ولخرج أكثر الصف على هذه القيادة.
فالحركة الإسلامية اليوم تعاني أزمة ثقة ضخمة بقياداتها والأصل أنها تضعها موضع الشبهة والظنة والتهمة، في صلاتها مع خصومها.
وما أحوج شباب الحركة الإسلامية الذين هم وقود معاركها، أن يفتحوا صدرهم لمثل هذه الحادثة من السيرة، ويروا أكبر أعداء الإسلام، قد صار بعد ثلاثة أشهر من إسلامه أميرا على المهاجرين الأولين وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وأمثالهم، ثم يصلي بالناس على جنابته بعد التيمم ويقتدي به الهاجرون الأولون.
إن هذه التجربة الرائدة في تاريخ الأمم ما كانت لتنجح في إضافة ثلاثة أضعافها ونيف خلال سنتين وتأخذ هذه الأعداد موقفها الحقيقي في الصف وتقدم كل طاقاتها في سبيل الله، لو لم تكن القاعدة الصلبة الأولى على المستوى المطلوب من الانضباط والالتزام والطاعة والصبر والإيثار والتفاني في سبيل الله وغياب الذات.