هذا الأمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحراجا كبيرا أمام هؤلاء المؤمنين الذين اختاروا الإسلام على الكفر. ومع ذلك أعاد أبا بصير التزاما بالعهد وقال: إنه لا يحل في ديننا الغدر.
هذه الصورة الإسلامية المشرقة.
بينما تقابلها تلك الصورة الغادرة من التواطؤ مع المعتدين، والاشتراك معهم في غزو حلفاء محمد - صلى الله عليه وسلم - من خزاعة.
هذه هي القضية الأولى.
والقضية الثانية: هناك فرق واضح بين الاسقامة وبين الغفلة فالمسلمون لا بد أن يكونوا على يقظة تامة من تحركات من هادنوهم، وأن يكون التعامل معهم بصدق لكن بحذر. ولعل هذا الأمر يوضح فيما بعد من تحرك أبي سفيان.
والقضية الثالثة: حول طبيعة الحلف في الإسلام فانضمام خزاعة ودخولها في عقد محمد - صلى الله عليه وسلم - وعهده يعني كل مستلزمات هذا الحلف، علما بأن خزاعة لم تكن كلها مسلمة. بل كانت قيادتها لا تزال خاضعة للمشركين. ولم تعلن هذه القيادة إنضمامها إلى المسلمين في المدينة. صحيح قد تفشى فيهم الإسلام، ولكن فيها المسلم والكافر، وعندما عاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خزاعة عاهدها على أنها مشركة. وهذا يعني أن من حق الدولة الإسلامية حين ترى مصلحتها في حلف محدد، لا يقتضي بالضرورة أن يكون الحليف مسلما. كما أنه لا تتناقض بين هذا التحالف وبين موادة الذين يحادون الله ورسوله.
إن الشباب المسلم بحاجة إلى التفريق بين قضيتين كبيرتين:
الأولى: موادة أعداء الله ورسوله الذين يحاربون المؤمنين ويضطهدونهم من خلال قناعات فردية للشباب المسلم دون إذن أو علم قيادتهم.
الثانية: التحالف مع كافرين إختاروا أن يكونوا مع المؤمنين ضد عدو مشترك لهما معا.
وهذه هي الصورة الثانية التي تمت بين خزاعة والمسلمين. فليس الكفر مانعا من هذا التحالف ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شرع لنا هذا الأمر.
وتبقى القضية الخلانية، حول مشروعية هذا التحالف هل هو مرتبط بكون المسلمين دولة قوية يحق لهم ذلك فقط، لأنهم وهم ليسوا دولة قد يبتلعهم حليفهم أو يفرض عليهم شروطه؟ أم إن الأمر عام مرتبط بحاجة المسلمين لهذا الأمر إذ ما رأوا مصلحة في ذلك. وإن كان لا دليل على التخصيص واضح فيدخل الأمر - والله أعلم - ضمن إطار تقدير المصلحة.
القضية الرابعة: هي الجدية في تنفيذ بنود التحالف. فعندما وقع اعتداء على خزاعة وثبت