للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع (١) فيه أنه لم يكن له بنافع. فخرج عبد اله إلى أبيه فأخبره فقال: سهيل: كان والله برا صغيرا وكبيرا فخرج وشهد حنين وأسلم بالجعرانة (٢).

نتحدث عن هذا النصر والفتح من خلال النقاط التالية التي تحدد معلم هذه السمة: أو تتمة معالمها.

أولا: إنهيار المقاومة المسلحة.

ثانيا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة والبيت الحرام.

ثالثا: المحكوم عليهم بالإعدام.

رابعا: إسلام القيادة جميعا.

النصر يبتدىء دئما عندما تتحقق الهزيمة النفسية في صفوف العدو، وكان أبو سفيان هو بطل الاستسلام الرسمي فهو التائد العام لمكة وكان كل اهتمامه ينصب على حماية مكة من التدمير، ولن تتم حمايتها إلا إذا أعلنت الانسحاب والتخلي عن المقاومة. ولا نشك أبدا أن إسلام أبي سفيان رضي الله عنه كان دافعا قويا لفتح الطريق أمام محمد - صلى الله عليه وسلم - لدخول مكة.

غير أن التطورات كانت على غير ما يهوى أبو سفيان. لقد حملت هند بنت عتبة زوجه لواء المعارضة ضده، ودعت إلى قتله لأنه استسلم، وراحت تهيح المشاعر والنفوس للمقاومة واسطاعت أن تقود تيارا قويا مع القادة الشباب الذين عز عليهم أن تمرغ كرامتهم بالتراب لو لجؤوا إلى بيوتهم مذعورين خائفين، وضبط القائد العام لمكة أعصابه على هول الصفعة من زوجه هند، واكتفى للمحافظة على الهدف أن يقول: لا تغرنكم هذه عن أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به.

وكان الجيش الإسلامي كما وزعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكلفا بدخول مكة من عدة محاور. وكان خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وكلف بدخول مكة من أسفلها وتحت إمرته أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة. وكان سلاح الفرسان مع هذه الكتيبة. وخالد هو قائد سلاح الفرسان دائما إذ أن أسلم وحدها، حين انضمت للجيش الإسلامي قدمت بألف فرس وفارس.

وتحركت القيادات الشابة تقود الكثير من هؤلاء الشباب للمقاومة وشاء قدر الله أن يلتقي رفاق السلاح في مكان واحد، فخالد قبل أقل من عام هو قائد سلاح الفرسان لقريش وقبل أقل من عام كان يخطط مع صفوان وعكرمة وسهيل لمواجهة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذه أول موقعة يقف فيها خالد


(١) يوضع. يجتهد ويشتد. كناية عما كان يعبد.
(٢) إمتاع الأسماع ج ١ ص٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>