الإعلامية لهذه الأحداث. أن اجتثت جذور الوثنية وزلزلت أركانها من القواعد.
لكننا نلحظ أن مناة كانت من نصيب سعد بن زيد الأشهلي رضي الله عنه ولم تكن من نصيب خالد وعمرو وسبب ذلك أن مناة هي المقدسة عند الأوس والخزرج. فلا بد أن يهدمها واحد من الأوس والخزرج كما كانت العزى من مقدسات قريش فكان هدمها على يد خالد، ولا يبعد أن تكون سواع مقدسة عند قوم عمرو أو أقاربه، ومن أجل هذا كلف بهذه المهمة، أو لعلها من المقدسات عند قريش كذلك.
وهو تخطيط نبوي واضح، أن يحطم الصنم ممن كانوا يولونه القداسة والعبادة أكثر من غيرهم، وهكذا نلحظ أن الذي هدم اللات فيما بعد - صنم ثقيف - هو المغيرة بن شعبة الثقفي. وترافق هذا الهدم مع التوجيهات النبوية العامة في مكة وحولها.
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره).
وليس هذا أمرا سهلا في الحقيقة فهذه الخطوة من حيث الضخامة والخطورة تقارب فتح مكة وتحطيم تلك الآلهة المدعاة. ثم تحطيم تلك الأصنام التي تملأ البيوت العربية. تعني هذه الأمور ثورة كاملة على الجاهلية وإزالة معالمها ومحو مقدساتها من النفوس قبل البيوت وقبل أماكن العبادة وقد استطاع الإسلام حقا في هذه الخطوات أن يهزم الجالهية في أقل عدد من الخسائر في الأموال والأرواح، والتي كان بالإمكان أن ترافقها المذابح الجماعية في الأرض العربية.
ولا بد هنا من المقارنة بين خطين كبيرين في العمل الإسلامي في هذه المرحلة.
هذان الخطان هما: تحطيم الأصنام، وتحطيم الأشخاص.
فبمقدار ما حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحفاظ على الأشخاص، مهما كانت مستويات محاربتهم للإسلام، ومستويات عقائدهم الوثنية. حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تحطيم كل أثر من آثار الوثنية. حتى ولو كان الصنم الصغير التافة في البيت.
ولم نجد في هذه القضية إطلاقا مراعاة للنفوس التي قد تثور أو تحقد أو تغضب أو ترتد حين تحطم مقدساتها وتكسر.
وما أحوج الدعاة إلى التفريق بين الخطين حتى في مرحلة القمة، مرحلة الفتح الأكبر