يحصر الأمر ضمن الخطيئة. بل زعزع ثقة الجنود بكل القيادة. وأشار بعض المغرضين فيها بأصابع الإتهام إلى خط الجماعة كله، ووصمها البعض بالغباء والتواطؤ. ولا شك أن الحاقدين تكنوا من إثارة هذا الجو وتعبئة النفوس في هذا المسار. لأن هذا التسليم عرض العديد من الشباب للخطر.
٢ - ألقى أخ مسؤول ذات مرة كلمة حماسية في الإذاعة المخصصة للحركة الإسلامية، فثار الشباب المتحمس ضده في اليوم الثاني. واتهمه بأنه يريد أن يذبح أسرى هذه الحركة الموجودين في صفوف العدو، وراح الحماس يلعب دوره حتى اتهمه بمسؤوليته عن قتل ستة آلاف شهيد نتيجة تلك الكلمة المذاعة، علما بأن الشهداء سقطوا قبل هذه الكلمة. وأضحت المطالبة بإقصائه ومحاكمته وقتله.
٣ - حدث في الإذاعة التي تشترك بها الحركة الإسلامية أن أخطأ بعض الإخوة وأدخل مقطوعة موسيقية ضمن برنامج إسلامي، فقامت القواعد ولم تقعد. متهة القيادة بالإنحراف عن الإسلام، وبأن هذه القيادة غدت أداة في يد العدو. تهادن في دين الله، وتستحل الحرام، وتعلن القواعد فقدان ثقتها النهائية بالقيادة لأن بعض أفرادها مسؤول عن مراقبة البرامج مع عدد من الإخوة وقبل هذا الحرام.
ذكرت هذه النماذج الثلاثة، ولا أقول إن القواعد جميعها تسلك هذا السبيل. إنما يوجد بعض الشباب الذين يثيرون هذه الاتهامات وتجد أذنا صاغية لهذا البهتان، وتضخيم الخطأ، وتحويله إلى انحراف كامل بالحركة.
وهذه النماذج الثلاثة أضعها بين يدي حادثة بني جذيمة، وكيف أعمل خالد رضي الله عنه السيف بالأسرى بعد أن أمنهم أو بعد إعلان إسلامهم رغم المعارضة العنيفة لهذا التصرف من كبار المهاجرين. ورأينا خطورة هذه القضية التي اقتضت إعلان البراءة مما فعله خالد رضي الله عنه أمام الصحابة جميعا، ثم كف يده عن القتل بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودية من تمت إبادتهم.
خطأ أودى بأرواح سبعين أو أكثر من بني جذيمة وقضوا خطأ بعد إسلامهم. وماذا جرى بخالد بعد هذا الدرس النبوي القاسي؟؟
لقد بقي خالد رضي الله عنه في مركزه وبعد أقل من عشرين يوما،. خاض غزوة حنين، وهو بموقفه نفسه قائد خيالة المسلمين. كما يقول المقريزي: وبقيت سليم كما هي في مقدمة الخيل وعليهم خالد بن الوليد (١).