وفي لحظة من لحظات الضعف البشري بالاعتماد على الأسباب المادية والثقة بها، يأتي التأديب الرباني لينال الجماعة المسلمة كلها وهذا التأديب يتناسب مع طبيعة الخطأ الذي تخطئه هذه المجموعة.
ومن خلال المحنة والإبتلاء. يتم انصهار هذا التجمع ليتحول إلى جماعة.
وكان الابتلاء الرباي في هذه المعركة ذي محورين.
المحور الأول في الضراء، حيث كانت هزيمة حنين الأولى، وعدم نجاح حصار الطائف.
المحور الثاني في السراء، وذلك من خلال غنائم حنين.
فلقد أعد المسلمون من الأسباب المادية ما يفوق الإعداد في أية معركة. وكان قوام الجيش إثني عشر ألفا. وكانت الأسلحة متوفرة كذلك، ومن أحدث أنواع الأسلحة. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غنمها من اليهود في خيبر. فقد كان عند المسلمين المنجنيق والدبابة ولأول مرة في تاريخ حروبهم كانوا يمتلكون ذلك. واستعار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة درع من صفوان بن أمية.
هذا من حيث الإعداد المادي، الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الجيوش الإسلامية لكن هذا التجمع الإسلامي لا يزال في صفوفه الكثير ممن دخل في الإسلام وهو في قمة النصر. ورأى أن المسير في الاتجاه الإسلامي يعني نصرا مستمرا وغنائم ضخمة. فكان لا بد من هزة حنين.
وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استطلاعه الجيد قبل المعركة. وشاءت إرادة الله تعالى أن لا يرى ذلك الاستطلاع كمائن العدو المنبثة في جميع شعاب الجبل. وكانت المعركة.
وحين يقرأ المسلم أحداث هذه المعركة يذهله الخبر. فالهجوم المباغت من هوازن أفقد الجيش المسلم كله توازنه، حتى القاعدة الصلبة. فقدت توازنها، ولاذت بالفرار من هول المفاجأة. ولم يسبق لهذه القاعدة الصلبة أن اهتزت هذا الاهتزاز في تاريخها كله إلا يوم أحد.
ومع هول المفاجأة، فر الجيش الإسلامي كله، ولم يثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بضعة عشر رجلا وكانوا فريقين:
الفريق الأول: أقرباؤه الأدنين. العباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.