للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه نماذج جديدة على الساحة ورغم دخولها الجديد في الإسلام، لكنها لم تتراجع خطوة واحدة بجوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الفريق الثاني: وهم الخميرة الأولى للدعوة. أبو بكر، عمر، عثمان، علي، أبو دجانة.

كما برز فريق ثالث من الشباب هما: أيمن بن عبيد الخزرجي، وأسامة بن زيد رضي الله عنهما.

وبرز فريق رابع من النساء هن: أم سليم بنت ملحان، هي يومئذ حامل بولدها عبد الله بن أبي طلحة، وأم عمارة بنت كعب، وأم سليط وأم الحارث.

ولا يبعد أن يكون هناك قتال ضار في مكان آخر. غير أن هذه المجموعة الفدائية بقيت حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وحين يكون الصف المسلم فيه من يفكر بقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعني أن التربية لم تشمله كله بعد. ويحدثنا أحد المغامرين شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، عن هذه اللحظات من الأزمة فيقول: (لما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا مكة فظفر بها وخرج إلى هوازن. قلت: أخرج لعلي أدرك ثأري. وذكرت قتل أبي يوم أحد وعمي. فلما انهزم أصحابه جئته عن يمينه، فإذا العباس قائم عليه درع بيضاء كالفضة، فقلت، عمه! لن يخذله! ثم جئته عن يساره، فإذا بأبي سفيان بن الحارث فقلت: ابن عمه لن يخذله. فجئته من خلفه، فلم يبق إلا أن أسوره (١) بالسيف إذ رفع لي فيما بيني وبينه شواظ من النار كأنه برق، وخفت أن يمحشني (٢)، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى فالتفت إلي وقال: يا شيب! أدن مني! فوضع يده على صدري وقال: اللهم اذهب عنه الشيطان. فرفعت رأسي إليه وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي ثم قال:

يا شيب قاتل الكفار! فتقدمت بين يديه أحب والله أقيه بنفسي كل شيء. فلما انهزت هوازن ودخلت عليه، فقال: الحمد لله الذي أراد بك خيرا مما أردت ثم حدثني بما هممت به (٣).

وهذه الظاهرة التي حالت دون شيبة وقتله للنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ظاهرة عامة. فلم تر هوازن أن الجيش الإسلامي قد فر ولم يبق منه إلا بضعة عشر. لقد جاء المدد الإلهي مباشرة. ونزلت الملائكة


(١) تسور الحائط: علاه يريد أنه لم يبق شيء إلا أن ارتفع إليه فأعلوه فآخذه بالسيف.
(٢) محشته النار: أحرقت جلده حتى يبدو العظم.
(٣) إمتاع الأسماع: ج ١ ص ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>