للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى النهج نفسه كانت معالجة قادة مكة بعد نصر حنين وتوزيع الغنائم عليهم. ونكتفي بعرضها فهي في غنى عن أي تعليق:

(وانتهى إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس خلون من ذي القعدة والسبي والغنائم بها محبوسة وقد اتخذ السبي حظائر يستظلون بها من الشمس، وكانوا ستة آلاف، والإبل أربعة وعشرين ألف بعير والغنم أربعين ألفا وقيل أكثر، فأمر بسر بن سفيان الخزاعي يقدم مكة فيشتري للسبي ثيابا يكسوهم، وكساهم كلهم، واستأنى رسول الله بالسبي، فلما رجع إلى الجعرانة بدأ بالأموال فقسمها. فأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس، وكان مما غنم أربعة آلاف أوقية فضة، فجاء أبو سفيان بن حرب والفضة بين يديه، فقال: يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالا: فتبسم عليه الصلاة والسلام، فقال أبو سفيان: أعطني من هذا يا رسول الله: قال يا بلال زن لأبي سفيان أربعين أوقية وأعطوه مائة من الإبل، قال: ابني يزيد: قال: زنوا ليزيد أربعين أوقية وأعطوه مائة من الإبل. قال: ابني معاوية يا رسول الله: قال: زن له يا بلال أربعين أوقية وأعطوه مائة من الإبل. قال أبو سفيان: إنك لكريم فداك أبي وأمي: والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرا. وسأل حكيم بن حزام يومئذ مائة من الإبل فأعطاه ثم سأل مائة فأعطاه، ثم سأل مائة فأعطاه، ثم قال: يا حكيم بن حزام إن هذا المال خضرة حلوة. فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من السفلى وابدأ بمن تعول. فأخذ حكيم المائة الأولى ثم ترك ما عداها.

وأعطى النضير بن الحارث -أخا النضر بن الحارث- مائة من الإبل، وأعطى أسيد بن جارية حليف بني زهرة مائة من الإبل وأعطى العلاء بن جار خمسين بعيرا، وأعطى الحارث بن هشام مائة من الإبل وصفوان بن أمية مائة بعير. وفي صحيح مسلم عن الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى صفوان بن أمية ثلاثمائة من الإبل، ويقال إنه طاف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتصفح الغنائم إذ مر بشعب مما أفاء الله عليه فيه غنم وإبل ورعاؤها مملوءا. فأعجب صفوان، وجعل ينظر إليه فقال: أعجبك يا أبا وهب هذا الشعب. قال: نعم. قال هو لك وما فيه: فقال: أشهد ما طابت نفس أحد قط إلا نبي وأشهد أنك رسول الله.

وأعطى قيس بن عدي مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن الفزاري مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى العباس بن مرداس السلمي دون المائة فعاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - في شعر قاله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقطعوا عني لسانه. فأعطوه مائة (١)).


(١) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٤٢٢ - ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>