للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم أسلموا، وجوزهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحسن جوائزهم) (١).

وهذا الأسلوب من الدعوة والطراز الجديد فيها يدعونا إلى أن نعطي الإعلام الإسلامي حقه وأن نتأكد أن معركة الإسلام ليست معركة عسكرية فحسب. بل هي معركة سياسية، ومعركة إعلامية يمكن حين نبرز فيها أن نحول الخصوم إلى أصدقاء، أو محايدين، وننشر فكرنا وعقيدتنا ومبادئنا من هذا المنبر، ونقطع كثيرا من الأشواط التي لا نتصور أن تقطع إلا من خلال القوة مع الإشارة كذلك أن القوة التي ينطلق منها الإعلام، هي التي تفتح القلوب له لكن القلوب تبقى مسدودة أمام منطق الضعفاء.

ثالثا - وفد عامر:

وجاء وفد عامر ليعرض عضلاته ويفرض شروطه:

(فقدم عامر بن الطفيل عدو الله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد الغدر به وقد قال له قومه: يا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم. قال: والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقيبي، أفأنا أتبع عقيب هذا الفتى من قريش: ثم قال لأربد (٢): إذا قدمنا على الرجل فإني سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف. فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر بن الطفيل: يا محمد: خالني (٣). قال: لا والله حتى تؤمن بالله وحده. قال يا محمد خالني، وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يحير شيئا. قال: فلما رأى عامر ما يصنع أربد. قال: يا محمد خالني، قال: لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له. فلما أبى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا. فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اكفني عامر بن الطفيل ... وخرجوا راجعين إلى بلادهم (٤).

وفي صحيح البخاري: أن عامرا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخيرك بين خصال ثلاث: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء (٥).

حتى إذا كانوا ببعض الطريق، بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه. فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول. فجعل يقول: أغدة كغدة البكر (٦)، في بيت امرأة من بني سلول.

لا يغيب عن البال أن غزوة الأحزاب كان نصف جيشها من غطفان التي بلغت قرابة خمسة


(١) السيرة لابن هشام ج ٤ ص ٥٦٧.
(٢) أربد: أحد زعماء بني عامر.
(٣) خالني اتخذني خليلا وصاحبا.
(٤) السيرة لابن هشام: ج ٤ ص ٥٦٨.
(٥) البخاري.
(٦) غدة البكر: داء يصيب البعير فيموت عنه وهو شبيه بالذبحة التي تصيب الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>