للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفوسهم وحقيقة فكرهم، وزيف عقائدهم، وهي لا تنجح حين تداهنهم في هذا الباطل، وتتدسس إليهم في هذا الباطل، إنها حين تفعل ذلك يدرك خصوم الدعوة أن هذه الجماعة فكر بشري قاصر مثل فكرهم. وإن إصرار دعاة الباطل على باطلهم، لا يقتضي من الدعاة تقريظه، أو السكوت عليه فلا بد في الحوار الفكري من الوضوح التام الذي لا يقبل التلجلج والتردد.

ومن المأساة حقا على سبيل المثال، أن نجد بعض دعاة الإسلام بحجة الدعوة إلى الله بالحسنى يزينون للنصارى باطلهم، ويقولون لهم، كلنا مؤمنون بالله. والنصراني الذي يعيش هذا التناقض في نفسه. سوف يستخف بهذا الداعية الذي يربت على كتفه ويبارك باطله، ويعلم أن لا مبرر لهذا الداعية أن تكون له السيادة في الأرض طالما أنه مثله في الباطل.

ومن جهة ثانية: تبقى عملية القدوة العملية في التعامل والخلق والسلوك؛ ويبقى شرف الخصومة والحفاظ على العهد والصدق في الرضا والغضب. هو مدار الدعوة الحقيقي، ومحوره فإذا تزلزل المحور، تمزقت الصورة وتبعثرت في تقييم الخصوم لهذه الدعوة.

وحين نربح أولئك الخصوم، من خلال القدوة العملية، والوضوح الفكري. نستطيع أن نتكلم معهم من منطق القوة والاعتزاز بهذا الدين والثقة بأن المستقبل لهذا الدين. وحين نربط هذه القضايا معا بالقضية المادية المكافئة. نستطيع أن نتحرك بهذه المحاور جميعا نحو الهدف الأول، هدف: إسقاط الخصم في خضم هذه العقيدة. وفي لب هذا الدين. لا بإسقاطه وتصفيته، وتكوين تجمع يثأر له من بعده.

وحرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يتلوا آية براءة بين يدي حاتم ويوضح له من خلال هذه الآية أنه ليس على دين كما كان يحسب عدي وتصور وبذلك تنقطع المبررات التي تدفع الخصم للتمسك بمبادئه.

ونقول في هذا الصدد إن هذا الخط من الوضح الفكري والقدوة العملية ليس مرتبطا بمرحلة معينة فقد رأينا. والمسلمون في أشد حالات الضعف في الحبشة. ونراه اليوم والمسلمون أسياد الجزيرة العربية. لكن الذي يحكم هذا الخط، هو أن لا يتحول هذا الموقف إلى السباب والشتيمة. والغضب للنفس، فإن القيد الأكبر لهذا الحوار والجدل؛ هو أن يكون بالتي هي أحسن. أي بالصورة التي لا يوجد أحسن منها على الإطلاق ... وجدال التي هي أحسن هو الذي يثمر خصما منفعلا مع عقيدة الإسلام. أو معترفا بعظمة التعامل فيه.

سادسا: وفود الجنوب:

وكانت هذه الوفود ترد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلنة ولاءها ودخولها في الإسلام، وذلك من خلال الدعوة إلى الله تعالى. ودون توجيه جيوش إليها. وذلك بعد أن رأت سقوط مقاومة قريش

<<  <  ج: ص:  >  >>