للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج - ومن قبائل الجنوب مراد وزبيد ومذحج يقدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفارقا لملوك كندة، ومباعدا لهم إلى رسول الله صلوات الله عليه (فلما انتهى إلى رسول الله قال له: يا فروة هل ساءك ما أصاب يومك يوم الردم. فقال: يا رسول الله من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوءه ذلك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على مراد وزبيد ومذحج كلها، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة، فكان معه في بلاده حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

فالمعارك بين مراد وهمدان هي التي دفعت فروة بن مسيك لمفارقة قومه إلى المدينة، ومن أجل هذا قال له عليه الصلاة والسلام: (أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا) إذ دفعه ليكون من السابقين للإسلام.

ونلحظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرص على إبقاء قادة القبائل في مواقعهم من زعامة قبيلتهم بينما يبعث معهم أحد صحابته ليفقه القوم بالإسلام، وبذلك تبقى النفوس على عهدها دون أن تحس بإهانة أو تحطيم، ويبقى كيان القبيلة وزعامتها ضمن إطار الإسلام. وهذا خط نبوي واضح يحسن أن تعيه الحركة الإسلامية في الاستفادة من الزعامات بحيث لا تشعر أن الإسلام خطر عليها إن هي انضوت تحت لوائه لكن دون أن يتخذ الإسلام مطية لظلمها وتعسفها.

د - وقد أدى دخول مراد في الإسلام إلى أن تنافسها همدان. فيتحرك وفدها إلى المدينة فيلتقوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من تبوك بكل ثقلها شعراء وأمراء (فقام مالك بن نمط بين يديه فقال: يا رسول الله نصية (١) من همدان من كل حاضر وباد، أتوك على قلص (٢) نواج (٣) متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم، من مخلاف خارف ويام وشاكر أهل السواد (٤) والقود (٥)، أجابوا دعوة الرسول وفارقوا الإلهات (٦) الأنصاب (٧) عهدهم لا ينقض ما أقامت لعلع، وما جرى اليعفور (٨) بصلع (٩). فكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا كتاب من رسول الله محمد، مخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف (١٠) الرمل مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط ومن أسلم من قومه على أن لهم فراعها ووهاطها ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة يأكلون علافها (١١) ويرعون عافيها (١٢) لهم بذلك عهد الله وذمام رسوله، وشاهدهم المهاجرون والأنصار فقال في ذلك مالك


(١) النصية: خيار القوم.
(٢) قلص: الإبل الفتية.
(٣) نواج: مسرعة.
(٤) السود: الابل.
(٥) القود: الخيل.
(٦) الإلهات، جمع آلهة.
(٧) الأنصاب: حجارة يذبحون لها.
(٨) اليعفور: ولد الظبية.
(٩) صلع: اسم موضع.
(١٠) الحقاف: جمع حقف وهو الرمل المستدير.
(١١) علافها: ثمر الطلح.
(١٢) عافيها نباتها الكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>