والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يطهره الله أو أهلك فيه ما تركته!. ثم استعبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخي. فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فقال: اذهب يابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا (١)).
ونلاحظ هذه الملاحظات الثلاث على هذه الإجارة:
١ - إن قريشا حاولت مع أبي طالب أن يدعو ابن أخيه للكف عن الدعوة لهذا الدين الجديد، وقد فشلت هذه المحاولة وهذا ما نتوقعه ونحن نستفيد من قوانين المجتمع الجاهلي، وهي محاولة استصدار قوانين جديدة تحول دون حرية الدعوة.
٢ - لجأت قريش إلى التهديد في المرة الثانية، ونجحت في التأثير على أعصاب أبي طالب، فدعا محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الكف عن الدعوة لهذا الدين، لعجزه عن حمايته وهو في هذه الصورة. لكن ثبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحق، مهما كانت عقباته. ثبت أبا طالب ثانية في حمايته.
ونفقه من هذا التصرف أن فشل الجاهلية في المرة الأولى - من بعض فئاتها - لضرب الدعوة لا يثنيها عن هذا الطريق، فقد تعيد الكرة ثانية وثالثة، ويقظة الحركة الإسلامية من جهة، وصلابتها من جهة ثانية هما الكفيلان بإحباط محاولات هذه الفئة المعادية، والحركة الإسلامية بحاجة لأن يستفيد من كل تناقضات المجتمع الجاهلي لتجعل بعضه ضد بعض فتستفيد هي من هذه التناقضات.
٣ - والاستفادة من العصبية الجاهلية في حماية شباب الدعوة أمر شرعي، فابن العائلة الكبيرة والقبيلة الضخمة الذي يستطيع أن يوظف زعيم هذه العائلة لحمايته لا يعني أنه قد تخلى عن دينه بذلك. واستفادة بعض الدعاة من ضابط كبير في الجيش أو المخابرات، أو وزير متنفذ في دولة،