- صلى الله عليه وسلم - في أكثر من خطة. ولعل أخطر اصطدام مسلح هو شج الحمزة لأبي جهل، وكان كفيلا أن يشعل حربا في قريش. فأبو جهل سيد أهل الوادي - لا يخلص إليه - وأعز وأكثر هذا الوادي ناديا - كما كان يقول عن نفسه - والحمزة كان أشد قريش شكيمة. وتذكر بعض الروايات أنه لما قام بعض رجال بني مخزوم، قام بعض رجال بني هاشم، وتكهرب الموقف، وكان من الممكن أن تقع مجزرة قد تنتهي باستئصال المسلمين، غير أن الرهبة من شخصية الحمزة، حاول دون ذلك، والمهابة التي له أطفأت الفتنة. ونلاحظ كذلك، أن العصبية الجاهلية المحضة هي التي حركات الحمزة لهذا الموقف، فلم تستطع أعصابه أن تتحمل هذا الاعتداء على ابن أخيه محمد رسول الله، وأخيه من الرضاعة. إن القحة التي بلغتها الجاهلية تجاوزت حدودها، فطف الصاع عند الحمزة، ومضى يشج رأس أبي جهل ولتكن النتائج ما تكون.
والجاهلية العاتية يوم تتصور أن ما تنزل من الضربات في صفوف المسلمين لإنهائهم. هي في الحقيقة تحفر قبرها بيديها. لأن جذوة الحق الخامدة في النفوس لا بد أن تتقد وتتهيج لنصرة هؤلاء الصادقين المستضعفين، وهذا ما وقع في حادث إسلام الحمزة، وقدرة الحركة الإسلامية على استغلال الحدث إعلاميا ودعائيا، لها أثر خطير في تحويل المعركة لصالحها ضد الجاهلية.
ومن حوادث الحركة الإسلامية المعاصرة نموذجان كبيران يدلان على تحرك هذا الحق في النفوس النموذج الأول، يوم حالت قوات الحكومة المصرية بين الناس وبين جنازة الإمام الشهيد حسن البنا في إرهاب مجرم عنيف. هذا الإرهاب الذي تجاوز الحد وطغى. حدا بزعيم القبط آنذاك أن يتحدى كل طغيان الحكومة ويخترق الصفوف وينضم لأهل الإمام الشهيد فيشارك معهم في تشييع الجازة، وحفظ التاريخ - لمكرم عبيد، الزعيم الخصم - هذا الصنيع.
النموذج الثاني، وهو الحدث الذي لم يكن يقل عن إسلام الحمزة في